المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

438


وكأنّه(رحمه الله) ينظر في هذا الكلام إلى مبادئ الحكم فيقول: إنّ النسخ في القضايا الخارجيّة قبل تحقّق الموضوع يكشف ـ بعد استحالة البداء الحقيقيّ ـ عن عدم وجود المبادئ حقيقة حين الجعل، فيستحيل الجعل إلّا إذا كان جعلاً صوريّاً، وأمّا في القضايا الحقيقيّة فعدم تحقّق الموضوع صدفة خارجاً لا يعني عدم وجود المبادئ قبل تحقّقه، فإنّ المبادئ متقوّمة بالموضوع الفرضيّ، ومعنى تحقّق الحكم حقيقة قبل تحقّق الموضوع أنّ المولى يريد حقيقةً الفعل الفلانيّ على تقدير تحقّق الموضوع الفلانيّ، ولا ينافي ذلك عدم تحقّق ذاك الموضوع. نعم، نسخ الموقّت قبل وقته ينافي تحقّق المبادئ حين الجعل.

إلّا أنّ السيّد الخوئيّ(رحمه الله) أورد على ذلك بأنّ صدور الحكم من المولى بداعي البعث مع علمه بعدم تحقّق الموضوع قبل النسخ غير معقول. وقد صرّح المحقّق النائينيّ(رحمه الله) نفسه في عدّة موارد بأنّ امتناع فعليّة الحكم يستلزم امتناع جعله. نعم، حينما يتّفق أنّ نفس الحكم يسبّب عدم فعليّة الموضوع كما في جعل القصاص والديات والحدود ليس عدم تحقّق الموضوع المسبّب عن الحكم موجباً لعدم معقوليّة الحكم، كيف وغرض الجعل هو ذلك، أمّا في غير ذلك فلا يعقل جعل الحكم ونسخه قبل تحقّق الموضوع، فالخاصّ يحمل على التخصيص دون النسخ بلا إشكال(1).

أقول: إنّ ما يقال: من عدم معقوليّة النسخ قبل حضور العمل ـ للزوم لغويّة الجعل ـ تارة: يقصد به مجرّد لغويّة الجعل بمعناه الساذج وهو عدم ترتّب أثر وثمرة على الجعل، على حدّ ما يقال: من أنّ صدور اللغو من العاقل مستحيل أو قبيح. واُخرى: يقصد به أنّ


(1) راجع المحاضرات للشيّخ الفيّاض، ج 5، ص 317 ـ 318 بحسب طبعة مطبعة صدر بقم.