المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

491

الخارجيّات، ولكنّ الخارجيّات تتّصف بها إذا كان عروضها على ما في الذهن باعتبار مرآتيّته لما في الخارج، مثلاً: لو فرضنا أنّ الشخص أحبّ زيداً لم يعرض من ناحية ذاك الشخص أمر على زيد، غاية الأمر أنّ صورة زيد وجدت بالوجود الحبّيّ في ذهن ذلك الشخص، فالحبّ عارض على تلك الصورة وتلك الصورة متّصفة بالحبّ، ويكون وجود تلك الصورة في ذهنه بنفس وجود الحبّ، ويستحيل عروض الحالة النفسانيّة لذاك الشخص ـ وهي الحبّ ـ على زيد الذي هو موجود خارجيّ، إلّا أنّ دائرة الاتّصاف أوسع من دائرة العروض، فزيد يتّصف بكونه محبوباً مع أنّ الحبّ لم يعرض عليه، والسرّ في اتّصافه بذلك هو انطباق تلك الصورة على زيد وكون محبوبيّتها لأجل انطباقها عليه لا لنفسها مستقلّة، فيكون زيد متّصفاً بالعرض والمجاز بالمحبوبيّة وتلك الصورة متّصفة أوّلاً وبالذات بها، بل يمكن أن يقال: إنّ الأمر بحسب النظر الفلسفيّ وإن كان كذلك ولكن بحسب النظر اللغويّ يكون المتّصف بالمحبوبيّة حقيقة هو نفس زيد لا صورته، والسرّ في ذلك أنّ معنى محبوبيّة الشيء بحسب اللغة في الحقيقة هو وجود صورته في الذهن بالوجود الحبّيّ، وهذا المعنى إنّما ينطبق على زيد لا على صورته كما لا يخفى.

هذا كلّه في الحبّ ويأتي عينه في البغض، فمَن بغض شخصاً اتّصف ذلك الشخص بمبغوضيّته له وإن كانت الحالة النفسانيّة إنّما عرضت على صورته، وذلك لما عرفت من أنّ دائرة الاتّصاف أوسع من دائرة العروض.

ونحوه الكلام في التصوّر، فإنّ مَن تصوّر زيداً فقد عرض تصوّره على صورة زيد ومع ذلك يوصَفُ زيد بأنّه متصوَّرٌ؛ لعين ما عرفت من التقريب.

وعليه فلا إشكال بحسب مرحلة الثبوت والإمكان في أن نلتزم بأنّ علم الجنس موضوع للمهيّة بما هي متعيّنة في الذهن، لا بمعنى أنّها معروضة للتعيّن