المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

522

ومقدّمات الحكمة ولا نحتاج في إثباتها إلى دالٍّ آخر، وأمّا البدليّة فبما أنّها ـ على ما ظهر من هذا الكلام ـ تكون خلاف طبع الإطلاق في باب الموضوعات يستحيل استفادتها من نفس مقدّمات الحكمة بل تحتاج إلى دالّ آخر، وتنوين التنكير في لغة العرب وضعت لتقييد المهيّة بقيد الوحدة، بحيث يكون قوله: (أكرم عالماً) في قوّة قوله: (يجب إكرام عالم واحد فقط)، وهذا التقييد يصبح مانعاً عن سريان الحكم إلى الأفراد ويقف على الطبيعة، ويكون إكرام كلّ فرد مصداقاً للواجب لا واجباً كما في القسم الأوّل، ويكفي في امتثال هذا الحكم إكرام فرد واحد. هذا كلّه بالنسبة إلى موضوع الحكم.

وأمّا بالنسبة إلى متعلّق الحكم: فالاستغراقيّة تستحيل استفادتها من مقدّمات الحكمة بل لابدّ لها من دالّ آخر؛ وذلك لأنّ الاستغراقيّة ـ على ما عرفت ـ لها معنيان: استغراق عموميّ وهو كون الحكم ابتداءً على الحصص بنحو الشمول، واستغراق إطلاقيّ وهو سريان الحكم من الطبيعة إلى الأفراد.

أمّا الاستغراقيّة بالمعنى الأوّل: ففي باب المتعلّقات بمكان من الإمكان، لكن ليست وظيفة مقدّمات الحكمة إثبات الاستغراقيّة بذلك المعنى وإنّما هي تثبت الاستغراقيّة بالمعنى الآخر.

وأمّا الاستغراقيّة بالمعنى الثاني ـ أعني: السريان ـ: ففي باب المتعلّقات محال، فإنّه لو قال مثلاً: (صلّ) وفرضنا سراية الحكم من المتعلّق إلى الأفراد، فإن كان المراد من ذلك سريانه إلى الأفراد في الرتبة المتأخّرة عن وجودها لزم تحصيل الحاصل، وإن كان المراد من ذلك سريانه إلى الحصص الذهنيّة المقدّرة الوجود في الخارج فتلك الحصص ليست إلّا مفاهيم كأصل مفهوم المهيّة، ولا معنى لسراية الحكم من مفهوم إلى مفهوم، فإنّ السراية تكون بملاك الفناء، ولا معنى لفناء مفهوم