المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

524

ـ وهو لحاظ الفناء في الكلّ أو في الواحد على سبيل البدل ـ يجب إثباته بدليل آخر غير دليل أصل الإطلاق.

لكن لا يخفى أنّ هذا التفسير للاستغراقيّة والبدليّة إنّما يتمّ في الاستغراقيّة والبدليّة العموميّة لا الإطلاقيّة، فإنّه في باب العموم تارة يلحظ المفهوم فانياً في تمام الأفراد، واُخرى يلحظ المفهوم فانياً في فرد واحد، لكن أحد المفهومين غير المفهوم الآخر، وذلك كمفهوم كلّ عالم في قولك: (أكرم كلّ عالم) الفاني في تمام الأفراد، ومفهوم أيّ عالم في قولك: (أكرم أيّ عالم شئت) الفاني في أحد الأفراد.

وأمّا في باب المطلق فالحكم ثابت على مفهوم الطبيعة، وهو لا يعقل فناؤه في تمام الأفراد ولا في أحد الأفراد، وإنّما يكون فانياً في نفس الحيثيّة المشتركة، بمعنى كونه مرآة لها لا لتمام الأفراد ولا لأحد الأفراد، فإنّ كلّ عنوان إنّما يفنى في معنونه، وعنوان (تمام الأفراد) إنّما هو نفس عنوان (كلّ أحد) وعنوان (أحدها) إنّما هو نفس عنوان (أحد الأفراد) وليست الطبيعة عنواناً لواحد منهما.

وتوضيح ما ذكرناه يحصل ببيان ما هو الصحيح من معنى الفناء وما هو الباطل من معناه الذي يوجب تخيّله تخيّل فناء الطبيعة تارة في تمام الأفراد واُخرى في أحد الأفراد، فنقول: إنّ المهيّة المتصوّرة في الذهن لها جهتان: جهة ما يحمل عليها بالحمل الأوّليّ وجهة ما يحمل عليها بالحمل الشائع، فمهيّة العالم مثلاً المتصوّرة في الذهن تارة: تلحظ بحملها الأوّليّ وبما هي عالم فتُرى أنّها العالم الخارجيّ ويحكم عليها بوجوب إكرامها، واُخرى: تلحظ بحملها الشائع، وليست بحملها الشائع إلّا صورة ذهنيّة دماغيّة من مخلوقات النفس ـ مادّيّة أو روحيّة ـ ولا يحكم عليها بوجوب الإكرام ولا يريد المولى إكرامها أصلاً، ومعنى فناء الطبيعة هو لحاظها خارجيّة وبالحمل الأوّليّ، وبهذا المعنى لا يفنى كلّ عنوان إلّا في