المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

527

أقول: هذا الكلام منه(قدس سره) خلط بين مقامين، توضيح ذلك: أنّ بين الأمر والنهي فرقين:

الأوّل: الفرق بينهما في عالم الجعل، وهو: أنّ الأمر يستفاد منه حكم واحد والنهي تستفاد منه أحكام عديدة، كما هو واضح بحسب الذوق العرفيّ لا غبار عليه.

الثاني: الفرق بينهما في عالم الامتثال، وهو: أنّه لو جعل المولى النهي أيضاً بنحو وحدة الحكم كالأمر ـ كما لو كان مقصوده انزجار العبد من طبيعة شرب الخمر لكن لا بنحو تعدّد المطلوب بحيث لو أتى ببعض أفراد الشرب وترك بعضاً آخر كان مطيعاً وعاصياً، بل بنحو وحدة المطلوب بحيث لو أتى ببعض أفراده وترك بعضاً آخر كان عاصياً ـ فمع ذلك يوجد فرق بين الأمر والنهي، وهو: أنّ الأمر يمتثل بإتيان فرد واحد، والنهي لا يمتثل إلّا بترك الجميع كما هو ظاهر أيضاً في الفهم العامّ.

وأنت ترى أنّ ما ذكره(رحمه الله)من المدّعى هو الأوّل، وما جعله دليلاً عليه إنّما يدلّ على الثاني ـ كما هو واضح ـ ولا يكون دليلاً على الأوّل، فإنّ طبيعة البعث لا تقتضي أن يكون بعثاً واحداً ولا طبيعة الزجر تقتضي أن يكون زواجر عديدة، وإنّما وحدة البعث والزجر وتعدّدها تكون بيد المولى، فله أن يأمر بشيء بأوامر عديدة بعدد أفراد ذلك الشيء مثلاً في حدود القدرة، وله أن ينهى عن شيء بنهي واحد وبالعكس. فهذا خلط بين عالم الجعل والامتثال، فالذي ينبغي هو جعل الكلام في مقامين، وبما أنّ دليل المحقّق العراقيّ إنّما يفي بالمقام الثاني نحن نقدّمه في الذكر ونقول:

المقام الأوّل: في الفرق بين الأمر والنهي في عالم الامتثال، والأصحاب ـ قدّس