المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

530

توضيح ذلك: أنّ النهي يكون غالباً ناشئاً من المفسدة في المتعلّق لا المصلحة في الترك، والمفسدة تكون ثابتة في كلّ واحد من أفراد الطبيعة على حدة، فلا محالة يكون الحكم في عالم الجعل على الحصص وبنحو العموم وإن بيّن في عالم الإثبات بنحو الإطلاق، فإنّ ذلك غير مخالف للذوق العرفيّ، فمثلاً: لو كان ملاك وجوب إكرام العالم موجوداً في كلّ فرد فرد من أفراد العلماء كان الحكم في عالم الجعل بنحو العموم، لكن كما يجوز بيان الحكم بلسان العموم بأن يقول: (أكرم كلّ عالم) كذلك يجوز ـ بدون أيّ مؤونة في نظر العرف ـ بيانه بنحو الإطلاق بأن يقول: (أكرم العالم). هذا.

والبرهان على ما ذكرناه من ثبوت المفسدة في كلّ واحد من الأفراد على نحو الانحلال هو: أنّه لولاه فإمّا تكون ثابتة في الوجود الأوّل فقط، أو في المجموع من حيث المجموع بعد عدم احتمال ثبوته في خصوص الوجود السابع مثلاً ونحو ذلك، وكلا الاحتمالين منفيّان بالإطلاق:

أمّا الاحتمال الأوّل: فلأنّه مساوق لكون الموضوع في عالم الثبوت مقيّداً بالوجود الأوّل مع أنّه ليس كذلك في عالم الإثبات.

وأمّا الاحتمال الثاني: فلأنّه بناءً عليه لا مانع من ارتكاب تمام الأفراد ما عدا الفرد الأخير؛ إذ المفسدة إنّما تترتّب على المجموع من حيث المجموع، فلابدّ من تقييد النهي بآخر الوجود أو بأحد الأفراد أو بعنوان المجموعيّة وهو أيضاً منفيّ بالإطلاق.

هذا تمام الكلام في مباحث الإطلاق.