المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

73

التكلّم عن علم بالغيب، ومقتضى ظاهر كلامه الملازمة بين مجيء زيد ووجوب إكرامه، وفَرض أنّ الموضوع لوجوب الإكرام شيء آخر يكون دائماً مصادفاً لمجيء زيد من باب الاتّفاق يكون خلاف الظهور السياقيّ، فإنّه لا يعلم ذلك عادة إلّا بوسيلة العلم بالغيب.

وأمّا دلالتها على العلّيّة: فلخصوصيّة في باب الأحكام توجب ثبوت العلّيّة ولا توجد تلك الخصوصيّة في الإخباريّات.

بيان ذلك: أنّ المدلول التصديقيّ في الإخباريّات عبارة عن قصد الحكاية، وكما يمكن الحكاية عن وجود شيء عند وجود علّته، كذلك يمكن الحكاية عن وجود شيء عند ما يكون هو مع ذلك الشيء معلولا لشيء ثالث مثلا، بل ربّما لا يكون المتكلّم مطّلعاً على علّة مجيء عمرو، وإنّما هو مطّلع على أنّه مهما جاء زيد جاء عمرو. هذا في الإخباريّات.

وأمّا في الأحكام فالدلالة التصديقيّة لمثل قوله: (أكرم زيداً) بحسب الفهم العرفيّ من ظاهر الكلام ليست عبارة عن قصد الحكاية عن جعل الوجوب بل نفس جعل الوجوب، ولذا لا يشكّ العرف في أنّ مثل هذا الكلام لا يتّصف بالصدق والكذب. وعلى هذا فيثبت أنّ نفس الجعل مقيّد بالشرط الذي هو مجيؤه مثلا، لا قصد الحكاية عن الجعل، والمقيّد للجعل إنّما هو موضوع الحكم وعلّته، ولا يعقل تقيّده بما يلازم موضوع الحكم وعلّته.

وتوضيح ذلك: أنّه بعد أن ثبت ـ بمقتضى أصالة التطابق بين المدلول التصوّريّ والتصديقيّ ـ أنّ المدلول التصديقيّ ـ وهو عبارة عن الجعل ـ مقيّد بالشرط، ومعنى تقيّده به أنّه يكون تقدير الشرط مقوّماً لوجوده، نقول: إنّه على ما حقّقناه في محلّه ليس للمجعول وجود آخر في الخارج عند وجود الشرط، حتّى يفرض كون