المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

74

الشرط تارةً علّة حقيقيّة له واُخرى ملازماً لعلّته، كما كان يفرض في باب الحكاية، حيث إنّ المحكيّ عنه له وجود خارجيّ عند وجود الشرط، فيفرض أنّ الشرط علّة حقيقيّة له تارةً وملازم له اُخرى، بل المجعول وجوده عين وجود الجعل، فمعنى كون الشرط علّة للحكم إنّما هو عبارة عن كون تقدير الشرط مقوّماً للجعل وكون المقدَّر محصّصاً للمجعول، وهذا هو معنى الموضوعيّة ولا نعني بالعلّيّة في باب الأحكام إلّا هذا.

ففرق كبير بين باب الحكاية وباب الحكم، ففي باب الحكاية حتّى لو كانت الدلالة التصديقيّة موازية للجزاء لا للربط الشرطيّ فالشرط قيّد تلك الدلالة قلنا: كما يمكن تضييق الحكاية بما يكون علّة للمحكيّ كذلك يمكن تضييقها بما يلازم المحكيّ، وكلّ ما يلزم من ذلك هو انتفاء الحكاية بانتفاء الشرط وليس انتفاء المحكيّ بانتفائه.

أمّا في باب الجعل فليس للمجعول وجود على حدة حتّى يعقل أن تضيّق دائرة الجعل تارةً بعلّة المجعول واُخرى بملازمه، بل المجعول وجوده عين وجود الجعل، وما ضيّق الجعل بتقديره ليس هو إلّا المحصّص للمجعول وهو الموضوع للحكم، وليس مقصودنا بالعلّيّة في باب الأحكام إلّا الموضوعيّة لا غير.

وأمّا دلالتها على كون العلّة علّة منحصرة لطبيعة الجزاء: فتثبت بمعونة نكتتين:

النكتة الاُولى: جريان الإطلاق ومقدّمات الحكمة بلحاظ الجزاء، فيثبت بذلك أنّ المعلّق في لبّ الواقع طبيعة النسبة لا حصّة خاصّة منها. وتوضيح المقصود:

أنّه لا إشكال في أنّ المدلول التصوّريّ للجزاء وهو قوله مثلا: (أكرمه) هو ذات النسبة بين إكرام زيد والفاعل بلا أيّ قيد. لا أقول ذلك بحكم الإطلاق، فإنّ الإطلاق لا يجري بلحاظ المدلول التصوّريّ، بل أقول: إنّ المدلول التصوّريّ