المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

78

قلت: إنّ مقتضى التحقيق في هذا المقام هو أن يقال: إنّ الإكرام في قوله مثلا: (أكرم زيداً) له نسبتان: نسبة تامّة بعثيّة أو طلبيّة بينه وبين المخاطب، ونسبة ناقصة بينه وبين زيد. فهناك جملتان: جملة تامّة يصحّ السكوت عليها، وجملة ناقصة لا يصحّ السكوت عليها ولا تفيد سوى معنى إفراديّ وهو إكرام زيد، ومن المستحيل أن تكون هذه النسبة الناقصة في عرض النسبة التامّة، ببرهان: أنّه لو كان كذلك لكان قوله: (أكرم زيداً) ممّا لا يصحّ السكوت عليه؛ لاشتماله على جملتين: إحداهما يصحّ السكوت عليها والاُخرى لا يصحّ السكوت عليها، وهذا كما ترى بديهيّ البطلان.

وبذلك يتنقّح أنّه مهما اجتمعت نسبة تامّة ونسبة ناقصة على شيء واحد ـ كما في هذا المثال، حيث إنّهما اجتمعتا على كلمة (الإكرام) ـ كانت النسبة الناقصة مأخوذة في طرف النسبة التامّة، وقد حقّقنا في محلّه: أنّ النسبة ليست عارضة على طرفيها كعروض العرض على محلّه، بل طرفاها مقوّمان لها، وعليه فلا يعقل أن يجري الإطلاق في النسبة بالنظر إلى طرفيها. نعم، بعد فرض تقوّمها بالطرفين وتحقّقها لو علّقت على شيء أمكن دعوى الإطلاق فيها بالنظر إلى ما علّقت عليه.

فظهر: أنّ نسبة الإكرام إلى المخاطب لا يتصوّر فيها الإطلاق بالنظر إلى الإكرام والمخاطب؛ لأنّهما مقوّمان لها لا أنّها معلّقة عليهما، ولا بالنظر إلى زيد الذي هو الواجب إكرامه؛ لما عرفت من أنّ النسبة الناقصة اُخذت في موضوع النسبة التامّة، فهي مقوّمة للنسبة التامّة لا أنّ النسبة التامّة معلّقة عليها، فحال اللقب بالنظر إلى هذه النسبة التامّة حال المقوّم لا المعلّق عليه، ونحوه الوصف بخلاف الشرط.

وفي نهاية الكلام نشير إلى أنّ ما ذكرناه من التقريب للإطلاق في الجزاء في باب الأحكام إنّما يتمّ بناءً على ما هو المختار من أنّ الجعل والحكم عبارة عمّا في