المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

88

 

تقريباتٌ اُخرى لإثبات العلّيّة الانحصاريّة والمناقشة فيها:

بقي الكلام في تقريبات القوم لإثبات العلّيّة الانحصاريّة مع إبطالها، فنقول ـ ومن الله التوفيق ـ:

قد ذكر لإثبات العلّيّة الانحصاريّة وجوه:

الوجه الأوّل: دعوى أنّ أداة الشرط موضوعة للدلالة على العلّيّة الانحصاريّة.

وفيه: منع ذلك، كما نرى بالوجدان أنّه ليس أيّ مؤونة في استعمال أداة الشرط في فرض عدم العلّيّة الانحصاريّة، كأن يقال: (إن جاور الماء النار اكتسب الحرارة) مع أنّه يكتسبها أيضاً من غير النار، أو يقال: (من شرب الخمر دخل جهنّم)، أو يقال: (من شرب السمّ يموت)، ونحو ذلك من الأمثلة.

وهذا التقريب ـ أعني: دعوى الدلالة الوضعيّة على ذلك ـ وإن ذكر في الكتب لكنّي لا أظنّ أنّ أحداً من المحقّقين التزم به، فإنّهم اعترضوا عليه بأنّ الضرورة قاضية بأنّ الجملة الشرطيّة في غير مورد العلّيّة الانحصاريّة ـ كما مثّلنا به ـ خالية عن عناية المجاز، ولو كانت العلّيّة الانحصاريّة داخلة في الموضوع لأحسسنا بمؤونة المجاز.

الوجه الثاني: دعوى أنّ أداة الشرط وإن لم تكن موضوعة للعلّيّة الانحصاريّة لكنّها منصرفة إليها. ولبيان انصرافها إلى العلّيّة الانحصاريّة تقريبان:

الأوّل: ما بنى عليه المحقّق العراقيّ(رحمه الله) في مقام إثبات دلالة صيغة الأمر على الوجوب، والمحقّق الخراسانيّ(رحمه الله) ذهب إلى دلالة صيغة الأمر على الوجوب بالوضع، لكن أفاد بعد فرض التنزّل عن دلالتها بالوضع عليه أنّها تدلّ عليه بهذا التقريب، وهو الذي قلنا: إنّه بنى عليه المحقّق العراقيّ(رحمه الله)، وهو: أنّ الوجوب فرد