المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

91

العلّيّ يدلّ على كون العلّة منحصرة في الشرط، فيقع الكلام هنا في مقامين:

أحدهما: وجه دلالة القضيّة على اللزوم العلّيّ.

والآخر: كيفيّة دلالة إطلاق الشرط على كون العلّة منحصرة في الشرط.

أمّا المقام الأوّل ـ وهو وجه دلالة القضيّة على اللزوم وعلى العلّيّة ـ: فنقول: أمّا دلالتها على اللزوم فيدّعى أنّها بالوضع؛ لما نراه من المؤونة في القضايا الشرطيّة غير اللزوميّة كقولنا: (إن كان الإنسان ناطقاً فالحمار ناهق).

وأمّا دلالتها على العلّيّة فليست للوضع؛ لأنّ القضايا الشرطيّة في غير موارد العلّيّة لا يحسّ فيها بمؤونة ومسامحة، بل لأنّه لا إشكال في أنّ الجزاء في عالم الإثبات جعل متفرّعاً على الشرط بــ (فاء) ذكرت في اللفظ أو لوحظت مقدّرة، فذكر المحقّق النائينيّ(رحمه الله): أنّ مقتضى المطابقة بين عالم الثبوت وعالم الإثبات كون الجزاء في عالم الثبوت أيضاً متفرّعاً على الشرط فيثبت أنّه معلول للشرط، لا أنّ الشرط معلول للجزاء أو أنّهما معلولان لشيء ثالث.

وليس مراده(قدس سره) أنّ التفريع موضوع للعلّيّة، وإلّا لعاد محذور المجازيّة في فرض استعمال القضيّة الشرطيّة في غير مورد العلّيّة، بل مراده أنّه بما أنّ الجزاء رتّب على الشرط في عالم الإثبات، كذلك يكون بمقتضى أصالة الإطلاق وتطابق عالم الثبوت والإثبات مترتّباً على الشرط في عالم الثبوت أيضاً، فتثبت علّيّة الشرط بالإطلاق لا بالوضع. هذا.

والفرق بين ما مضى منّا في إثبات اللزوم وما ادّعي هنا أنّ المدّعى هنا دلالة القضيّة عليه بالوضع، لكنّا قلنا: إنّها لا تدلّ عليه بالوضع، ولذا لا نحسّ بمؤونة في القضايا الشرطيّة الاتّفاقيّة الماضويّة، بل تدلّ عليه بمقتضى الظهور السياقيّ الثانويّ للمدلول التصديقيّ بالتقريب الذي مضى ذكره.