المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الرابع

92

كما أنّ الفرق بين ما مضى منّا في إثبات العلّيّة وهذا التقريب أ نّا أثبتنا العلّيّة بنكتة تختصّ بخصوص باب الأحكام، وهذا التقريب عبارة عن أنّ أصالة التطابق بين عالم الثبوت والإثبات تدلّ على العلّيّة بالوجه الذي عرفت بدون فرق في ذلك بين باب الأحكام وغيرها.

ويرد عليه:

أوّلا: أنّ الترتّب غير منحصر في الترتّب العلّيّ، بل يمكن أن يكون ترتّباً زمانيّاً أو ترتّباً طبعيّاً، أعني: من قبيل ترتّب الكلّ على الجزء، كأن يقال: (إذا وُجد الواحد وُجد الاثنان)، فدعوى دلالة الترتّب في عالم الإثبات على الترتّب العلّيّ في عالم الثبوت استدلال بالعامّ على الخاصّ.

وثانياً: أنّ أصالة التطابق بين عالم الثبوت والإثبات ليس معناها التطابق بين عالم الواقع والإثبات، بل معناها التطابق بين عالم نفس المتكلّم والإثبات كما هو واضح، وعلى هذا فصِرف عقد القضيّة في نفس التكلّم بهذا الترتيب ـ بأن عقد أوّلا الشرط وعقد مرتّباً عليه الجزاء ـ كاف في صحّة إبراز هذا الترتّب في عالم البيان بدون أن نحسّ بأيّ مؤونة في ذلك، وليس هذا مستلزماً لأن يكون الجزاء في عالم الواقع متفرّعاً على الشرط، ولذا لا نحسّ بأيّ مؤونة في إبراز هذا الترتّب في البيان لنكتة تحقّقه في عالم نفس المتكلّم بدون أن يكون الجزاء في الواقع متفرّعاً على الشرط.

وأمّا المقام الثاني ـ وهو وجه دلالة الإطلاق على كون العلّة منحصرة في الشرط بعد الفراغ عن دلالة القضيّة على اللزوم العلّيّ ـ: فقد جاء في الكفاية ذكر تقريبات ثلاثة لذلك: تارةً بلحاظ الإطلاق الأحواليّ، واُخرى بلحاظ الإطلاق العِدليّ، وثالثة بلحاظ الإطلاق الشؤونيّ.