المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

148

ولعلّه (رحمه الله) إنّما لم يستدلّ مستقلا على الانتخاب بقوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض ﴾ بأن يثبت بذلك الولاية الكاملة للأُمّة ـ وهذا لا يكون إلاّ بتأثير الكلّ في الانتخاب ـ بنكتة أنّ الإطلاق الشمولي في المحمول غير جار، فلا يمكن إثبات الولاية الكاملة بالإطلاق في هذه الآية، فلعلّها ولاية بقدر الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر مثلا، فرأى (رحمه الله) أنّ الأنسب هو الاستدلال بمجموع الآيتين بأن يقال: إنّ تفريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ولاية بعضهم لبعض يناسب افتراض كبرى واسعة فرّع عليها هذا الفرع، وتلك الكبرى الواسعة التي يسهل تصوّرها في المقام هي افتراض أنّ كلّ ولاية تثبت للمؤمنين فهي للكلّ، أي أنّ الكلّ شركاء فيها، فإذا ضممنا ذلك إلى ولاية الشورى المستفادة من قوله تعالى: ﴿ وأمرُهُمْ شُورَى بَينَهُمْ ﴾ ثبت أنّ هذه الولاية للكلّ، وإذن فالعبرة تكون بالأكثرية الكميّة لا محالة.

أقول: إنّ الاستشهاد بقوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض ﴾ على المعنى الذي عرفت غير صحيح، وذلك لأنّ كلمة الولاية وردت في اللغة بمعنيين: بمعنى الأولويّة في التصرّف ونفوذ الأمر، وبمعنى النصرة والمؤازرة، وربط هذه الآية بما نحن فيه يتوقّف على حمل الولاية على المعنى الأوّل؛ لأنّ مجرّد النصرة والمؤازرة أجنبية عن المقام، وتفريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر كما يناسب المعنى الأوّل كذلك يناسب المعنى الثاني أيضاً، فإنّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي هو تسديد عن الخطأ نوع تآزر ونصرة، وكأنّ التعبير بالأمر والنهي هو الذي يراه أُستاذنا قرينة على إرادة المعنى الأوّل للولاية؛ لأنّ الأمر والنهي يتفرّعان على المولوية بذلك المعنى، ولكنّ الواقع أنّ