المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

151

﴿ فَبِمَا رَحْمَة مِنَ اللهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الاَْمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ ﴾(1) فهذه الآية واضحة في عدم إرادة ولاية الشورى؛ لأنّها نسبت العزم إلى شخص الرسول (صلى الله عليه وآله) وقال: ﴿ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ ﴾ فالمقصود بها مجرّد الاستشارة والاستضاءة بالأفكار ولو بهدف تعويد الأُمّة على ذلك أو بهدف إشراكهم في المسؤوليّة وتحسيسهم بتحمّل العبء(2).

هذا، وهناك وجهان آخران ـ غير دليل الشورى ـ يمكن فرض إطلاقهما لانتخاب غير الفقيه، وهو ما سيأتي من الوجه الثالث والرابع من الوجوه التي سننقلها عن كتاب «دراسات في ولاية الفقيه» وستأتي مناقشتهما أيضاً.


(1) سورة آل عمران: الآية 159.

(2) إن قلت: إنّ قوله: ﴿ أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ يمكن حمله على ولاية الشورى مع افتراض قابليّة هذا الوصف للفعليّة وقتئذ ولو بلحاظ قضايا جزئيّة، كجماعة اشتركوا في سفر أو مال أو في تجارة وما إلى ذلك، فيكون ﴿ أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾ ولو استحباباً، وخصوص فرد من أفراد ولاية الشورى ـ وهو تعيين ولي الأمر بالشورى ـ تأجّل إلى زمان الغيبة، وهذا لا يضرّ بظهور الآية في أصل قابلية هذا الوصف للفعليّة وقتئذ، وهذا الفرد بالذات غير قابل للحمل على الاستحباب، فإنّ المنتخب للإمرة إمّا أن يكون وليّاً واجب الطاعة أو لا قيمة لأمره، ولا يكون في سلطانه ـ لدى العمد والالتفات ـ إلاّ طاغوتاً، أمّا احتمال الاستحباب في ذلك فغير وارد فقهيّاً.

قلت: لا إشكال فقهيّاً في عدم ولاية الشورى في مثل موارد الاشتراك في أمر، غاية الأمر أنّهم إن أجمعوا جميعاً على رأي ولو على رأي الأخذ بما تصوّبه الأكثريّة سلّمت شركتهم، وإلاّ فسخوها لا محالة، والمصداق المحتمل لولاية الشورى إنّما هي القضايا الراجعة إلى السلطة والحكم وسن القوانين وما إلى ذلك.