المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

155

ولعلّه يقول: إنّ العقد وقع بين الوالي والأُمّة ـ بما هي أُمّة ـ لا بين الوالي والأفراد، وتخلّف بعض أفراد الأُمّة لا يضرّ بصدق وقوع العقد بين الأُمّة بما هي أُمّة والوالي.

والواقع أنّ المسامحة العرفية التي تفترض عدم ضرر خروج هذه الأفراد من الانتخاب بصدق التعاقد مع الأُمّة إنما تعني غضّ النظر عنهم في صدق هذا العنوان، وكأنّ الباقين هم كلّ من انتزع منهم عنوان الأُمّة، ولا تعني اعتبارهم ـ مسامحة ـ جزءاً من أحد طرفي العقد، فحتى لو كانت هذه المسامحة مسامحة في المفهوم لا تصحّح تمرير الحكم على هؤلاء.

أما لو قلنا: إنها مسامحة في المصداق فعدم حجيتها واضح. أضف إلى ذلك ما نقّحناه في بحث العقود(1): من أنّ أدلّة الوفاء بالعقود لا تدلّ على مشروعية متعلّقها، وإنما تدلّ على أنّ العقد إن تعلّق بأمر مشروع فهو ـ من ناحية أنّه عقدٌ ـ يجب الوفاء به، فلو تعاقد شخصان مثلا على أن يكون أحدهما عبداً للآخر، فعدم نفوذ هذا العقد ليس تخصيصاً في إطلاق ﴿ أَوْفُوا بِالْعُقُودِ ﴾(2)؛ لأنّ عبوديّة أحدهما للآخر في ذاته أمر غير مشروع، وفي ما نحن فيه من يناقش في الانتخاب يحتمل عدم مشروعية ولاية أحد على الناس عن غير طريق النصب، فلا يمكن نفي هذا الاحتمال بدليل الوفاء بالعقد، وليس نفوذ أمر الوليّ دائماً بمعنى نفوذ إلزامه للمولّى عليه بما كان مباحاً له قبل الإلزام كي يقال: إنّ هذا لا محذور فيه، بل قد يكون بمعنى نفوذ رأيه عليه لإثبات شيء لولا إثباته لما حلّت له


(1) راجع فقه العقود 1: 210.

(2) سورة المائدة: الآية 1.