المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

159

الخلافة عن الجنّ والنسناس ـ الذين كانوا قبل آدم (عليه السلام) في الأرض والملائكة شهدوا فسادهم وسفكهم للدماء فقاسوا بهم أولاد آدم ـ بعيد في نظره، وناقش في دلالة هذه الآية بالخصوص: بأن من المحتمل كون المقصود خلافة شخص آدم (عليه السلام) لا خلافة البشرية، فلا تدلّ الآية على حاكمية البشر بالانتخاب، وتخوّف الملائكة ليس قرينة في نظره على كون المقصود خلافة البشرية بنكتة أنه لا مجال للتخوّف من شخص آدم (عليه السلام)، وذلك لاحتمال أنه وإن كان المقصود بالآية الشريفة خلافة شخص آدم (عليه السلام) لكن لعلّ اعتراض الملائكة بقولهم: ﴿ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ ﴾(1) كان من جهة اطّلاعهم على أنّ آدم (عليه السلام) بطبعه يولد له النسل، وسيكون الفساد وسفك الدّماء من نسله، ثم أمر بالتأمّل.

أقول: قد مضى منّا الجواب على شبهة حمل الاستخلاف في تلك الآيات على استخلاف جيل عن جيل، ولهذا وافقنا على دلالة تلك الآيات على وجوب إقامة الحكم، ولكنّا في نفس الوقت لا نوافق على دلالة تلك الآيات على الانتخاب والتصويت وضرورة الأخذ برأي الأكثرية، وتوضيح ذلك:

أنّ فرض دلالة تلك الآيات على الانتخاب والتصويت يجب أن يكون بأحد وجهين:

الأوّل: دعوى أنّ كون البشرية خليفة للّه يعني وجوب الإصلاح والاستعمار وتطبيق العدل على وجه الأرض، وهذا بمجموعه يتوقّف على إيجاد الدولة. إذن يجب على الأُمّة وجوباً مقدّمياً إيجاد الدولة، وإيجاد الأُمّة للدولة يعني الانتخاب.


(1) سورة البقرة: الآية 30.