المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

181

الثالث: أننا نقبل أنّ التفسير العرفي الوحيد للبيعة لم يكن عدا كونها معاهدة يجب الوفاء بها، لكن هذا التفسير العقلائي لذلك حاله حال أدلّة الوجوب بالعقد والعهد لا يشمل عدا المتعلّق المشروع في نفسه ولا يشمل عدا طرفي العقد، وأمّا الأقلّية الذين لم يبايعوا فهم غير مشمولين لحكم البيعة، ولم يعرف في التأريخ أنّ بيعة المعصومين (عليهم السلام) كانت بهدف كونها سبباً للولاية حتى على الذين لم يبايعوا، فيا ترى هل بيعة الاثني عشر نفراً للنبيّ (صلى الله عليه وآله) في بيعة العقبة الأُولى أو بيعة الثلاثة وسبعين نفراً معه (صلى الله عليه وآله) في بيعة العقبة الثانية كانت تعني قصد خلق الولاية على الآخرين، أو كانت تعني مجرّد تعاهد لهؤلاء مع النبي (صلى الله عليه وآله) على ما تعاهدوا عليه من مفاد بيعة النساء في الأُولى، ومن الطاعة والدفاع عن النبي (صلى الله عليه وآله) في الثانية؟! وكذلك بيعة الرضوان وقعت بعد أن خشي النبي (صلى الله عليه وآله) أن يتركه المسلمون الذين كانوا معه في الحديبية باعتبار أنهم كانوا يخشون من مواجهة مشركي مكّة، ولم يكونوا متأهّبين للحرب ومسلّحين بما يناسب الحرب؛ لأنّهم كانوا قد خرجوا بأمر النبي (صلى الله عليه وآله) قاصدين الحج لا الحرب، فتحسّباً لاحتمالات وقوع ما يخشى وقوعه بينهم وبين مشركي مكّة أخذ الرسول (صلى الله عليه وآله) منهم جميعاً البيعة على الطاعة والدفاع، ولم تكن لذلك علاقة بفكرة نشر الولاية على سائر المسلمين الذين لم يبايعوا، وكذلك بيعته (صلى الله عليه وآله) بعد فتح مكّة مع الرجال ثمّ مع النساء لا يوجد أيّ شاهد تأريخي على أنها كانت بمعنى البيعة على ولاية تشمل غير المبايعين، كما ليس هناك شاهد على ذلك فيما وقع من البيعة لعليّ (عليه السلام) بعد مقتل عثمان عدا ما ورد من احتجاج عليّ (عليه السلام) بتلك البيعة على مثل معاوية الذي لم يبايع، وهذا ما سنشير إليه إن شاء اللّه في البيان الثالث، وبيعة الغدير التي وقعت بعد فرض النبيّ (صلى الله عليه وآله)