المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

184

ربّه سبعين رجلا ممن لم يشكّ في إيمانهم وإخلاصهم، فوقعت خيرته على المنافقين، قال اللّه عزّ وجل: ﴿ وَاخْتَارَ مُوسَى قَوْمَهُ سَبْعِينَ رَجُلا لِمِيقَاتِنَا... ﴾(1)، فلمّا وجدنا اختيار من قد اصطفاه اللّه للنبوة واقعاً على الأفسد دون الأصلح، وهو يظن أنه الأصلح دون الأفسد علمنا أن لااختيار لمن لايعلم ما تخفي الصدور وما تكنّ الضمائر وتنصرف عنه السرائر، وأن لا خطر لاختيار المهاجرين والأنصار بعد وقوع خيرة الأنبياء على ذوي الفساد لمّا أرادوا أهل الصلاح»(2)وما إلى ذلك من الروايات بهذه المضامين الرادعة عن بيعتهم لخلفاء الجور.

إلاّ أنّ هذا الردع يوجد فيه احتمالان:

الاحتمال الأوّل: أن يكون ردعاً عن تحقّق الولاية بالبيعة بمعنى حقّ الإمارة، لا بمعنى خصوص إمامة الإمام الذي هو السبب المتصل بين الأرض والسماء، فصحيح أنّ وصف العصمة أو ورود النصّ الخاصّ إنما هو من مزايا الإمام الذي هو السبب المتصّل بين الأرض والسماء، ولكن معنى هذه الروايات أنّ الولاية منحصرة بإمام من هذا القبيل، فغيره لا يستطيع أن يكسب الولاية بمجرّد بيعة الناس إيّاه ولو في خصوص فرض غياب المعصوم، وبعنوان النيابة والبدليّة عن المعصوم، لا بعنوان جعله مقابلا للمعصوم.

وهذا الاحتمال باطل بالضرورة؛ لأنّ لازمه هو أنه إذا غاب الإمام المعصوم ودار أمر إدارة الأُمور وتولّي أُمور المسلمين بين أن يكون بيد المؤمنين أو بيد المنافقين أو الفاسقين أو الكافرين وجب على المؤمنين أن يتخلّوا عن ذلك؛


(1) سورة الأعراف: الآية 155.

(2) بحار الأنوار 23: 68 ـ 69، باب أنّ الإمامة لا تكون إلاّ بالنص، الحديث 3.