المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

189

يشهد لكون حديث النهي عن فراق الجماعة نصّاً معهوداً في الأذهان، فورد السؤال عن معنى الجماعة من دون ذكر لنفس النصّ.

واحتمال الافتراء في هذا النصّ وتشهيره من قبل وعّاظ السلاطين لصالح الطاغوت موجود، بأن يكون ذلك منسوجاً ضدّ الشيعة الذين كانوا في الأقليّة، فكانوا يعدّون مفارقين لجماعة المسلمين أو خالعين لجماعة المسلمين، ولكن هذا الاحتمال لا يرد في الروايات التي فسّرت الجماعة بمعنى جماعة أهل الحقّ وإن قلّوا، وهي وإن كانت أخبار آحاد وغير تامّة السند لكنها على أية حال تصلح لتأييد المقصود.

وتقريب الاستشهاد بهذه الروايات هو أنّ المحتملات في المقصود من كلمة جماعة المسلمين ثلاثة:

الأوّل: أن يكون المقصود غالبية المسلمين والذين كانوا وقتئذ همجاً رعاعاً تبعوا خليفة الجور، وعلى هذا الاحتمال تكون هذه الروايات مجعولة من قبل وعّاظ السلاطين، ولكن هذا الاحتمال كما قلنا لا يتطرّق في الروايات التي فسّرت جماعة المسلمين بجماعة أهل الحقّ وإن قلّوا أو وإن كانوا عشرة.

والثاني: أن يكون المقصود بالجماعة جماعة أهل الحقّ كما فسّرت بذلك في بعض تلك الروايات على ما عرفت، وتكون النكتة في تحريم مفارقة الجماعة هي أنّهم افترضوا مسبقاً أهل الحقّ، فمخالفتهم تعني مخالفة الحقّ، وليست النكتة في ذلك كامنة في عنوان الجماعة بما هي جماعة، وبناء على هذا التفسير تكون هذه الروايات أجنبية عن ما نحن فيه، إلاّ أنّ هذا الاحتمال خلاف الظاهر؛ لأنّ الظاهر من تحريم مفارقة الجماعة كون نكتة التحريم كامنة في عنوان الجماعة بما هي جماعة.