المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

19

وأجاب عن ذلك: بأنّ افتراض كون اللام للعهد لا يمنع عن التمسّك بإطلاق قوله: «فإنّهم حجّتي عليكم وأنا حجّة اللّه» فإنّ مقتضى إطلاق ذلك هو الوكالة المطلقة للرواة ( الفقهاء ) في كلّ ما هو للإمام المعصوم ولو بقرينة ظرف صدور هذا الحديث، وهو ظرف غيبة الموكّل التي يتوقع فيها صدور الوكالة المطلقة.

والاعتراض الثاني: أنّ كلمة «رواة حديثنا» وإن كانت تنطبق على الفقهاء ولكنّها تصرف ظهور الكلام إلى أنّ المقصود بالرجوع إليهم هو الرجوع إليهم بصفة كونهم رواة، وهذا لا يعني الرجوع إليهم في كل شيء حتى تثبت لهم الولاية المطلقة.

وهذا الاعتراض تارة يراد به حصر الرجوع إليهم بأخذ الروايات عنهم فحسب أو أخذ الروايات والفتاوى معاً دون الأحكام الولائيّة، فليس للفقيه صلاحية الولاية أصلا بل إنما له صلاحية الرواية والإفتاء فحسب. وأُخرى يراد به تقليص صلاحيّته للولاية مع الاعتراف بدلالة الحديث على أصل صلاحيته للولاية بالإضافة إلى صلاحيته للرواية والإفتاء.

فإن كان المقصود هو الأوّل كان الجواب: أنّ صلاحية الرواية والإفتاء لا تكفي لصدق قوله (عليه السلام): «فإنّهم حجّتي عليكم» لأنّ الرواية والإفتاء لا يتجاوزان حدّ إبلاغ الأحكام الشرعيّة الإلهيّة، وكلمة «حجّتي» تدلّ بظاهرها على أنّ الإمام (عليه السلام) أوكل إليهم ممارسة الأوامر والنواهي والأحكام التي هي من صلاحيّته هو من حيث الأساس لا مجرّد إبلاغ الأحكام الإلهية، إذ أنّ مجرّد إبلاغ الأحكام الإلهيّة لا يستدعي التوكيل من قبل الإمام (عليه السلام)، فقوله (عليه السلام): «فإنّهم حجتي» شاهد على أنّه قد وكّلهم من قبله لممارسة صلاحياته هو في التشريعات غير الإلهيّة وهي الأحكام الولائيّة.