المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

195

لا إلى الترجيح إلاّ إذا كان المرجّح عبارة عن نفس نكتة الحجّية المفهومة عرفاً، ويكون الفاصل بمقدار كبير كالأعلمية في التقليد والكفاءة في الولاية، فلو كان أحدهم أعلم من الآخرين بمقدار مساو لملاك التقليد أو أكثر منه، أو كان أحدهم أكفأ من الآخرين بمقدار مساو لملاك الولاية أو أكثر منه فلا إشكال عندئذ في الترجيح، وهذا يكون دائماً ترجيحاً بملاك ثبوتي في القضايا الفردية كالتقليد أو الولاية في أُمور جزئية قبل إقامة الحكم الإسلامي مما يمكن التفكيك فيه بين الأشخاص، فكلّ يرجع إلى من يراه أعلم أو أكفأ، وفي غير فرض وجود مرجّح من هذا المستوى يتّم التخيير؛ لأنّ فهم العرف من المطلق الذي كان الأصل فيه الشمولية تحوّل إلى البدلية والتخيير، وهذا التخيير في القضايا الفردية تخيير فردي، فالمقلّد يتخيّر في تقليد أحد المفتين، والمولّى عليه يتخيّر في إتّباع أحد المتشاحّين في الولاية.

أمّا في باب الولاية على المجتمع فالتخيير الفردي غير معقول، وإلاّ لاختار كلّ أحد وليّاً، وهذا هدم للولاية والقيادة كما هو واضح، فهنا يتحوّل مرّة أُخرى فهم العرف للدليل من التخيير الفردي إلى التخيير الجمعي، أي أنّ الأُمّة بمجموعها هي التي ستختار الوليّ بمعنى أنّ لكل فرد منهم دخلا في هذا التخيير وصوتاً ملحوظاً ضمن الأصوات، وهذا يعني الانتخاب والترجيح بالأكثرية، وكذلك الترجيح الثبوتي بالأكفئية الكبيرة يكون أمر تشخيصه بيد الكلّ لا بيد فرد واحد وإلاّ لزم تعدّد الأولياء، وهذا أيضاً يعني الانتخاب لمن هو أكفأ في نظر كلّ فرد فرد، أي أنّ كلّ فرد له حقّ الإدلاء بصوته في تشخيص الأكفأ، وهذا يعني الترجيح بأكثرية الآراء، وهذا ما سمّيناه بالمرجّح الإثباتي.