المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

22

وثانياً: قوله تعالى: ﴿ وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْض يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَن الْمُنكَرِ ﴾(1).

وذلك بدعوى أنّ الآية الأُولى تعطي للأُمّة صلاحيّة ممارسة أُمورها عن طريق الشورى ما لم يرد نصّ خاص على خلاف ذلك، والآية الثانية تتحدّث عن الولاية وأنّ كل مؤمن وليّ الآخرين، ويريد بالولاية تولّي أُموره بقرينة تفريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر عليه، وهذا النص ظاهر في سريان الولاية بين كل المؤمنين والمؤمنات بصورة متساوية، وينتج عن ذلك الأخذ بمبدأ الشورى وبرأي الأكثريّة عند الاختلاف.

وقد أورد المؤلف دام ظلّه على هذا الاستدلال بأنّ الآية الأُولى غير واضحة الدلالة على ولاية الشورى بالمعنى المتضمّن للحجّيّة ووجوب الطاعة، إذ لعلّها تقصد مجرّد الاستضاءة بالأفكار والاستنارة بها من دون افتراض الحجيّة، وممّا قد يشهد على ذلك أنّ الشورى إذا كانت بمعنى الحجيّة ونفوذ نتائج الانتخاب لما أمكن فعليّة ذلك في زمان صدور النص، إذ لا معنى للانتخاب وتحكيم رأي الأكثريّة مع وجود الولي المنصوب من قبل اللّه تبارك وتعالى وهو عبارة عن شخص النبي (صلى الله عليه وآله) في حين أن الآية الكريمة ظاهرة في توصيف المؤمنين بصفات قابلة للفعلية وقتئذ ومن ضمنها أنّ ﴿ أَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ ﴾.

وأما الآية الثانية فهي غير واضحة الدلالة على المطلوب أيضاً، إذ لعلّها تقصد بولاية المؤمنين بعضهم على بعض معنى المناصرة والمؤازرة، وتفريع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على ذلك يناسب هذا المعنى أيضاً؛ لأنّهما نوع تناصر وتآزر.


(1) سورة التوبة: الآية 71.