المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

40

الجهاد وأحكامه للظروف التي يمكن فيها الانتصار وتحكيم كلمة الحقّ، ولا إطلاق لها لفرض العجز ـ كما هو واضح ـ ولولا العجز وقصور الظروف عن تحقّق الحقّ لما غاب الإمام المعصوم عن الساحة.

وتشهد للعجز عن إعلاء كلمة الحقّ النواهي الواردة عن الخروج والجهاد في عصر الغيبة من قبيل ما ورد من قوله (عليه السلام): «كُلُّ راية تُرفع قبل قيام القائم فَصَاحِبُها طاغوت يُعبد من دون اللّه»(1)، وما ورد من «أنّ الجهاد مع غير الإمام المفترض طاعته حرام»(2).

أقول: قد ورد في الجزء الأوّل من كتاب «دراسات في ولاية الفقيه» بحث مفصّل حول أنّ الحكومة الإسلاميّة داخلة في صميم هويّة نظام الدين الإسلامي، وأنّه بدونها لا يمكن تطبيق مساحة واسعة جدّاً من أحكام الإسلام وأهدافه. ونحن لا نهدف الدخول في هذا البحث، فإنّه مبحوث بشكل مشبع في ذاك الكتاب، ولكنّي أقول: إنّ هذا قد يورث القطع للإنسان بأنّ ضرورة العمل في سبيل إقامة الحكم الإسلاميّ لا تختصّ بزمان الظهور ولو أدّى ذلك إلى التضحيات وإراقة الدماء بعد العلم بأنّ دين الإسلام ليس ديناً مختصّاً بزمان الظهور، ولا أقصد بذلك ـ طبعاً ـ ضرورة الخوض في القتال والحروب وحتّى اليائسة منها، بل أقصد العمل وفق المقاييس الاجتماعيّة وتحت قيادة حكيمة ووفق الشروط التي يرى بالرؤية الاجتماعيّة السياسيّة أنّ العمل ضمنها صحيح ومعقول وإن كان النصر بيد اللّه، فقد يتّفق الانتصار وقد يتّفق الانكسار، كما كان الحال كذلك في حروب رسول (صلى الله عليه وآله).


(1) وسائل الشيعة 11: 37، الباب 13 من أبواب جهاد العدوّ، الحديث 6.

(2) المصدر السابق 11: 32، الباب 12 من أبواب جهاد العدوّ، الحديث الأول.