المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

42

الأوّليّة وزّعت على المجتمعات بشكل متساو ومتقارب بغضّ النظر عن كونها مجتمعات مؤمنة أو ملحدة أو كافرة، فلا نحتمل أنّنا لو فسقنا وكفرنا أمكننا استلام زمام السلطة والحكومة، ولو آمنّا وأصبحنا صالحين عجزنا عن ذلك وقدّر لنا الانكسار، بل حالنا حال سائر الناس، إن استيقظنا وعملنا وخطّطنا الخطط الحكيمة لاستلام الحكم ننتصر كما ينتصر الآخرون وقد ننكسر أيضاً كما ينكسر الآخرون. وهذا واضح لمن يطالع المجتمعات الإسلاميّة ووضع الأفراد المسلمة والكافرة، ويلتفت إلى طاقاتهم وقدراتهم، وقد زادت ذلك وضوحاً التجربة الإسلامية الرائعة التي حصلت في أرض إيران، لكنّنا أردنا صوغ البيان بنحو يتمّ حتى مع غضّ النظر عن هذه التجربة العظيمة، فلنفترض أنفسنا فيما قبل هذه الثورة المباركة، وعندئذ نرى أيضاً أنّ قابليّات فرد مسلم ومؤمن لا تنقص عن قابليّات فرد كافر أو فاسق أو منحرف لا لشيء إلاّ لكونه مسلماً ومؤمناً، ولا قابليّات مجتمع تختلف عن مجتمع آخر باختلافها في الإيمان وعدم الإيمان، بل في كل مجتمع من المجتمعات يوجد أفراد مستضعفون، ويوجد أفراد أقوياء وأذكياء وذوو طاقات وقابليّات.

أمّا الشاهد القرآني على ما ذكرناه فهو قوله تعالى: ﴿ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّة وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ * وَلِبُيُوتِهِمْ أَبْوَاباً وَسُرُراً عَلَيْهَا يَتَّكِئُونَ * وَزُخْرُفاً وَإِنْ كُلُّ ذَلِكَ لَمَّا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَالاْخِرَةُ عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُتَّقِينَ ﴾(1). فقد دلّت هذه الآية على أنّ القدرات والطاقات والقابليّات والنعم والحظوظ موزّعة على الفئات من المؤمنين


(1) سورة الزخرف: الآية 33 ـ 35.