المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

44

قال: سألت عليّ بن الحسين (عليه السلام) عن قول اللّه عزوجلّ: ﴿ وَلَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ قال: عنى بذلك أُمّة محمد أن يكونوا على دين واحد كفاراً كلّهم(1)، إلاّ أنّ هذا السّند ضعيف لعدم ثبوت وثاقة غالب الأسديّ وسعيد بن المسيّب. وروي أيضاً في تفسير البرهان عن كتاب الزهد للحسين بن سعيد عن النضر عن إبراهيم بن عبدالحميد عن إسحاق بن غالب قال: سمعت أبا عبداللّه (عليه السلام) يقول في هذه الآية: ﴿ وَلَوْلاَ أَنْ يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً لَجَعَلْنَا لِمَن يَكْفُرُ بِالرَّحْمَنِ لِبُيُوتِهِمْ سُقُفاً مِنْ فَضَّة وَمَعَارِجَ عَلَيْهَا يَظْهَرُونَ ﴾ قال: «لو فعل لكفر الناس جميعاً»(2). وسند هذا الحديث المنقول عن كتاب الزهد تامّ، إلاّ أنّ الشأن في ثبوت سند صاحب تفسير البرهان إلى هذا الكتاب. وعلى أيّة حال فدلالته على تفسير ﴿ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ بمعنى مذهب واحد، وهو الكفر غير واضحة؛ إذ قد يكون المقصود مجرّد بيان حكمة لجعل النّاس أُمّة واحدة، أي متساوية في تقسيم الحظوظ والمواهب، وهي أنّه لولا ذلك لكفر النّاس جميعاً.

وحتّى لو ثبت هذا التفسير بسند تامّ لا يبعد سقوطه عن الاعتبار؛ لأنّ خبر الواحد إذا كان مخالفاً لظهور الكتاب، ولم تكن مخالفته بنحو يقبل الجمع العرفيّ كموارد التخصيص والتقييد، فهو من الأخبار التي تعارض الكتاب ولابدّ من طرحها، والقرآن إنّما نزل كتاب هداية، وليس المفروض فيه أن تؤوّل ظواهره بغير ما يستسيغه الجمع العرفيّ، ووجود المتشابهات في القرآن لا يعني وجود آيات قصد بها خلاف ظاهرها، فإنّ للتشابه معنىً آخر شرح في الأُصول، ولسنا الآن بصدد شرح ذلك.


(1) تفسير البرهان 4: 141.

(2) المصدر السابق: 142.