المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

45

وتوضيح الكلام في ما استقربناه من ظهور الآية في كون المقصود من افتراض النّاس أُمّة واحدة تساوي الأُمم في القابليّات والحظوظ لا تساويهم في المذهب، كما هو المفهوم من تفسير عليّ بن إبراهيم، وما مضت من الرواية هو أنّ قوله تعالى: ﴿ لَوْلاَ أَن يَكُونَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً ﴾ يشتمل على شيء من التّقدير أو ما بحكمه، والمقدّر إمّا مثل كلمة ( الإرادة )، أو مثل كلمة ( المخالفة )، فالتّقدير: لولا إرادة أن يكون النّاس أُمّة واحدة... الخ، أو لولا مخافة أن يكون الناس أُمّة واحدة. وعلى الثاني يكون وزان الآية وزان الحديث المرويّ عن رسول اللّه (صلى الله عليه وآله): «لولا أن أشقّ على أُمّتي لأمرتهم بالسّواك عند كلّ صلاة، أو مع كلّ صلاة»(1)، والتقدير: لولا مخافة أن أشقّ على أُمّتي. ويحتمله قوله تعالى: ﴿ إِنِّي لاََجِدُ رِيحَ يُوسُفَ لَوْلاَ أَنْ تُفَنِّدُونِ ﴾(2). فلعلّ المعنى لولا مخافة أن تفنّدون.

فعلى التقدير الثاني يتمّ التفسير الذي نقلناه عن عليّ بن إبراهيم وعن بعض الروايات، وعلى التقدير الأوّل يتمّ التفسير الذي استقربناه، ولكنّ التقدير الثاني بعيد؛ إذ بناءً على التفسير الثاني ليس الذي يخاف منه ـ لو رجّح الكفّار على المؤمنين في الوضع الاقتصادي ـ عبارة عن كون النّاس أُمّة واحدة بمعنى مذهب واحد، وإنّما الذي يخاف منه هو صيرورتهم كفّاراً، أي أنّ العيب في الكفر لا في عنوان وحدة المذهب التي تنسجم مع كونهم جميعاً كافرين ومع كونهم جميعاً مسلمين. فالمفروض بالآية عندئذ أن تقول: لولا أن يكفر النّاس جميعاً لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سُقُفاً من فضّة... لا أن تقول: لولا أن يكون النّاس أُمّة


(1) وسائل الشيعة 1: 355، الباب 5 من أبواب السواك، الحديث 3.

(2) سورة يوسف: الآية 94.