المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

46

واحدة... وهذا بخلاف التفسير الذي استقربناه، فإنّ العنوان المطلوب عندئذ حقّاً هو عنوان وحدة الأُمّة بمعنى تساوي الأُمم في القابليّات والحظوظ، فاللّه تعالى أراد تساوي الفرص لجميع الأُمم كي يتمّ الامتحان وتتمّ التجربة، فترجيح هذه الأُمّة على تلك الأُمّة في القابليّات غير مطلوب وعكسه أيضاً غير مطلوب، بخلاف عدم مطلوبيّة وحدة المذهب، فإنّه بمعنى عدم مطلوبيّة كفر الجميع لا عدم مطلوبيّة وحدة المذهب حقّاً الشامل لإسلام الجميع.

ولا يخفى أنّ المقصود إنّما هو فرض تساوي الفرص والقابليّات والحظوظ بالنسبة للأُمم لا بالنسبة للأفراد. وأمّا بالنسبة للأفراد فعدم التساوي واضح، وهذا هو المقصود بقوله تعالى فيما قبل هذه الآيات: ﴿ وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْض دَرَجَات لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً سُخْرِيّاً وَ رَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ ﴾(1)، فلا تهافت بين الآيتين.

 

إطلاق الأدلّة في أجواء المدرسة الإسلاميّة:

 

والطريق الثاني: بيان أنّ الكلام الذي يصدر من صاحب مدرسة معيّنة يتكوّن ظهوره ضمن ما يناسب معطيات تلك المدرسة، فكما أنّ العرف العامّ والمناسبات والأجواء العرفيّة العامّة تؤثّر على ظهور الكلام فلا يتحدّد ظهور الكلام على ضوء المعطيات اللغويّة فحسب، كذلك مناسبات مدرسة مّا وأجواؤها تؤثّر على ظاهر كلام يصدر من أصحاب تلك المدرسة، فربّ إطلاق يتمّ بحدّ ذاته لو خلّينا نحن


(1) سورة الزخرف: الآية 32.