المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

47

والظهور الأوّليّ للكلام مع مقدّمات الحكمة، لكنّه ينكسر بلحاظ جوّ تلك المدرسة. وربّ إطلاق لا يتمّ بمحض الصناعة لو أغفلنا أجواء المدرسة التي صدر عنها ذاك الكلام ومناسباتها، لكن تلك الأجواء والمناسبات تخلق الإطلاق وتثبّته للكلام، فلو أنّ سيبويه مثلا تكلّم بكلام بما هو إنسان نحويّ فأجواء علم النحو ومناسباته قد تؤثّر على تحديد ظهور كلامه.

وعليه نقول: إنّ مدرسةً تشابك نظامها مع نظام الحكم والإدارة والسلطة بحيث لو فصلت عن الحكم سقط الكثير الكثير من أحكامها ونُظمها عن إمكانيّة التطبيق، حينما يأتي فيها الأمر بإقامة حكم اللّه والجهاد والقتال، وإعداد ما استطعنا من قوّة نُرهب به عدوّ اللّه، وتقديم المقدّمات لذلك، والعمل في سبيل خلق الأجواء المناسبة لذلك.. يفهم منه الإطلاق لكلّ زمان وفق الفرص المؤاتية ظاهراً في الفهم الاجتماعيّ السليم. وهذا بنفسه ينفي الاحتمال الغيبيّ لنفي الفرصة بنحو يفترض إسقاطه للتكليف، بدعوى أنّه لعلّه كان من المقدّر في علم اللّه أنّ المؤمنين لا ينتصرون في عصر الغيبة.

فحتّى من لا يحصل له القطع ـ الذي أشرنا إليه في مستهلّ البحث ـ بعدم اختصاص ضرورة إقامة الحكم الإسلاميّ بزمان الظهور، يكفيه هذا الإطلاق لتشخيص الوظيفة ولو تعبّداً.

أمّا القول بأنّ عدم انتصار المؤمنين قبل ظهور الحجّة ليس صدفةً متكرّرة، وليس مستنداً إلى تقصير المؤمنين في العمل، بل هو مستند إلى أنّ تطبيقالحقّ أصعب من تطبيق الباطل، وذلك إمّا بمعنى أنّ الحقّ مرّ فلا يتحمّلهالناس والباطل حلو للنفوس يتحمّله النّاس، أو بمعنى أنّ الإسلام قيد