المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

48

الفتك(1) وأنّ الغاية لا تبرّر الوسيلة، وهذا ما يجعل المؤمن مكتوف الأيدي ومضيّقاً عليه في طريق العمل بخلاف الكافر أو الفاسق الفاجر، فهو يتذرّع للوصول إلى الحكم بأيّ طريق يحلو له بلا أيّ قيد، كما وردت عن إمامنا أميرالمؤمنين (عليه السلام) قولته المشهورة: «لولا كراهيّة الغدر لكنت أدهى النّاس»(2)، فهذا أيضاً غير صحيح بكلتا نكتتيه اللتين أشرنا إليهما.

أمّا بنكتته الأُولى ـ وهي صعوبة تحمّل الناس للحقّ وسهولة تحمّلهم للباطل ـ فالجواب: أنّ بعض ألوان الباطل يكون تحمّله للناس أصعب من تحمّل الحقّ، ومع ذلك استطاع ذاك الباطل أن يسيطر على الناس ويهيمن عليهم، ويأخذ بيده السلطة والحكم يسومهم سوء العذاب يذبّح أبناءهم ويستحيي نساءهم كما في زمن فرعون، أو يذيقهم ألوان العذاب الأُخرى كما في زمن الحجّاج، وأبرز مصداق لذلك ما هو موجود في زماننا من سيطرة البعث على العراق، فلئن كان عدم تحمّل الناس لمرارة الحقّ موجباً لخروجهم على الحقّ وعدم إمكانيّة الهيمنة لدولة إسلاميّة حقّة عليهم، فلم لم يوفّقوا حتّى الآن أن يثوروا على حكم أذاقهم الأمرّين وأُتيحت الفرص لأقسى ألوان الحكم أن يهيمن على العراق؟!

وأمّا بنكتته الثانية ـ وهي أنّ الإيمان قيد الفتك وأنّ الغاية لا تبرّر الوسيلة، وأنّه لولا كراهيّة الغدر لكان عليّ (عليه السلام) أدهى الناس ـ فالجواب: أنّ هذه القيود في الإسلام ليست إلى حدّ يمنع عن تقدّم الإسلام في النفوذ والسيطرة؛ إذ حينما يبلغ


(1) بحار الأنوار 44: 344.

(2) نهج البلاغة: 639، الخطبة 191، طبعة الفيض.