المولفات

المؤلفات > ولاية الأمر في عصر الغيبة

50

ولا أُريد أن أُناقش في التقريب الأوّل بما ذكر في علم الأُصول من أنّ الشكّ في القدرة لدى إحراز الملاك يوجب الاحتياط، كما لا أُريد أن أشكّك في كون القدرة شرطاً للوجوب لا للواجب ـ فقد ثبت في محلّه في الأُصول أنّ القدرة شرط للوجوب ـ لكنّني أُريد أن أُلفت النظر إلى نكتتين:

الأُولى: أنّ القدرة على تحصيل القدرة على الشيء قدرة على ذلك الشيء، فمن يقدر على تهيئة المقدّمات التي بها يقدر على إقامة الحكم يكون قادراً على إقامة الحكم، فليست القدرة المشروطة في كلّ خطاب عبارة عن معنىً خاصّ سمّي بالاستطاعة في باب الحجّ والذي لا يشمل القدرة على تحصيلها، ولذا لم يجب على من يقدر على تحصيل الاستطاعة للحجّ تحصيلها، وإنّما القدرة التي هي شرط لكلّ تكليف عبارة عن مجرّد الإمكانية ولو مع الوسائط.

والثانية: أنّ أدلّة وجوب نصرة اللّه ودينه والدفاع عن الحقّ ونصرة المظلومين ودفع المنكر وما إلى ذلك ليس المفهوم عرفاً منها هو إيجاب النتيجة فحسب، بل المفهوم عرفاً من أمثال هذه الخطابات الاجتماعيّة هو الأمر بالمقدّمات بملاك احتمال انتهائها إلى ذي المقدّمة، كما هو الحال أيضاً في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر الذي قال عنه الفقهاء بأنّه مشروط باحتمال التأثير لا بالقطع بذلك، وهذه المقدّمات قد تنتهي إلى النتيجة وقد لا تنتهي، كما كان الأمر كذلك في زمن المعصومين (عليهم السلام)، فهذه المشكلة أيضاً ليست مخصوصة بزمن الغيبة.

والخلاصة: أنّ المرتكز عرفاً واجتماعيّاً في القضايا الاجتماعية السياسية أنّ الأمر ليس متوجّهاً إلى النتيجة فحسب ـ والتي هي غالباً غير مضمونة الحصول ـ وإنّما هو متوجّه إلى المقدّمات من باب رجاء احتمال حصول النتيجة، لا بمعنى