المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

124

عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾ هو عهد الإمامة، وليس مجرّد النبوّة المستلزمة للوحي فقط، بل عهد الإمامة الذي يستلزم عصمة صاحبه حتّى قبل إمامته عن كلّ صغيرة وكبيرة.

فإبراهيم(عليه السلام) لم تصدر عنه أيّ معصية حتّى الصغيرة، كما يُستدلّ على ذلك بقوله تعالى: ﴿إِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَات فَأَتَمَّهُنَّ﴾، أي: لم تصدر عنه أيّ مخالفة، وعندها استحقّ مقام الإمامة، فقال له تعالى: ﴿إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَاماً قَالَ وَمِن ذُرِّيَّتِي قَالَ لاَ يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، أي: أنّ الإمامة لا تُعطى لإنسان صدر عنه أيّ ظلم ولو بمستوى المعصية الصغيرة قبل الإمامة.

أمّا بالنسبة إلى النبوّة المجرّدة، فبحسب بعض الروايات التي لا تصلح لدينا سنداً قد تصدر الصغائر الموهوبة عن الأنبياء قبل نبوّتهم(1).

وبالمقارنة بين الطريق الأوّل والطريق الثاني نجد أنّ المنهج والتفسير الأوّل هو الأوفق لما ذهب إليه علماؤنا ـ رضوان الله تعالى عليهم ـ من أنّ هذه المعصية لآدم لم تكن معصية ولا صغيرة.

وهناك بعض الآيات التي يظهر منها عدم عصمة الأنبياء(عليهم السلام)، والجواب عنها واضح كلّ الوضوح، كقوله تعالى: ﴿إِنَّا فَتَحْنَا لَكَ فَتْحاً مُّبِيناً * لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِن ذَنبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ﴾(2).

فقد تُذكر هذه الآية بعنوان صدور الذنب عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)، إلّا أنّها



(1) المصدر السابق.

(2) سورة الفتح، الآية: 1 ـ 2.