المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

126

وأيضاً قوله تعالى: ﴿أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ * فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً﴾(1).

قد يقول القائل: إنّ قوله تعالى: ﴿وَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾ ـ والوزر بمعنى المعصية ـ يدلّ على صدور المعصية عنه(صلى الله عليه وآله)، وهي ليست معصية صغيرة بدلالة قوله: ﴿الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ﴾، فلابدّ أن تكون من جنس المعصية الكبيرة التي تنقض ظهر الرسول(صلى الله عليه وآله).

ولكنّ الوزر لا يعني المعصية، بل يعني ـ لغةً ـ الحمل الثقيل، وإنّما سُمّيت المعصية وزراً بمناسبة أنّها حمل يكون على ظهر ابن آدم حتّى يرد ساحة الحساب يوم القيامة، فالوزر لا يعني المعصية، وإنّما الحمل، ﴿وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ﴾ أي: الحمل الثقيل الذي أنقض ظهرك، فأكبر الظنّ أنّ المقصود به أعباء هداية الناس، وهذه الآية على ما يبدو من ظاهرها واردة في أواخر أ يّام الرسول(صلى الله عليه وآله)، وليست في أوائل أيّامه(صلى الله عليه وآله) بقرينة قوله: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾؛ فإنّ هذا الرفع للذِكر لم يكن في أوائل أيّامه(صلى الله عليه وآله)، بل كان العكس، معاداة الناس وأذاهم له، ثُمّ رفع الله له ذكره بالتدريج حتّى كانت أواخر أيامه حيث وفّقه الله تعالى لهداية المجتمع الذي كان يعيش فيه، ووضع عنه عِبء هدايتهم الذي أنقض ظهره وما أثقله من عِبء!

إلى هنا قد اتضح لنا أنّ عصمة من جعله الله تعالى للناس إماماً



(1) سورة الانشراح، الآية: 1 ـ 6.