المولفات

المؤلفات > الإمامة وقيادة المجتمع

180

وقد أشار الإمام عليّ(عليه السلام) إلى هذه الحقيقة في كثير من خطبه كقوله: «وطفقت أرتأي بين أن أصول بيد جذّاء، أو أصبر على طخية عمياء، يهرم فيها الكبير، ويشيب فيها الصغير، ويكدح فيها مؤمن حتّى يلقى ربّه...»(1)، كما أنّ هناك وقائع رواها التأريخ تؤكّد أنّ الإمام(عليه السلام) كان حريصاً على معالجة بدايات الانحراف بقطع دابره، وكان هميماً في هذا الاتجاه، لكن قلّة أنصاره وقلّة المؤهّلين لخوض غمار الجهاد والتصدّي بالسيف حالت دون تحقيق اُمنيّته، وأرجأته لتغيير اُسلوب المعارضة.

فممّا دوّنه التأريخ: مجيء بعض الصحابة إلى الإمام(عليه السلام)لاستشارته في إعلان المعارضة على الخليفة الأوّل، فما كان من الإمام إلّا أن أجابهم بقوله: «وأيم الله لو فعلتم ذلك، لما كنتم لهم إلّا حرباً، ولكنّكم كالملح في الزاد وكالكحل في العين...»(2)، بمعنى أنّ الإمام فضّل نهيهم عن المعارضة؛ لقلّة عددهم بالقياس إلى كثرة أنصار الوضع الجديد.

وفي رواية عن الإمام الباقر(عليه السلام) قال: «جاء المهاجرون والأنصار وغيرهم بعد ذلك إلى عليّ(عليه السلام) فقالوا له: أنت والله أمير المؤمنين، وأنت والله أحقّ الناس وأولاهم بالنبيّ(صلى الله عليه وآله)، هلمّ يدك نبايعك، فوالله لنموتنّ قدّامك، ( فأراد أمير المؤمنين اختبار مدى صدقهم في



(1) نهج البلاغة، الخطبة الثالثة: 48.

(2) البحار 28: 191.