المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

126

عن ملاحظة المعنويات أيضاً ولتهذيب النفس وتزكيتها. وإليك مَثَلان من آلاف الأمثلة:

1 ـ رُوِيَ(1) أنّ وهب كان نصرانيّاً فأسلم هو وأُمّه على يدي الحسين (عليه السلام). وأمرته أُمّه في يوم عاشوراء بنصر ابن بنت رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال: أَفعل يا أُمّاه ولا أُقصّر، فبرز وقاتل وقَتَل من الأعداء جماعة. فرجع إلى أُمّه وامرأته، فوقف عليهما فقال: يا أُمّاه أرضيتِ؟ فقالت: ما رضيت أو تقتل بين يدي الحسين(عليه السلام)فقالت امرأته: بالله لا تفجعني في نفسك، فقالت أُمّه: يا بنيّ لا تقبل قولها وارجع، فقاتل بين يدي ابن رسول الله، فيكون غداً في القيامة شفيعاً لك بين يدي الله. فرجع وقاتل وقتل جمعاً إلى أن قطعت يداه، فأخذت امرأته عموداً وأقبلت نحوه وهي تقول: فداك أبي وأمّي قاتل دون الطيّبين حرم رسول الله، فأقبل كي يردّها إلى النساء، فأخذت بجانب ثوبه وقالت: لن أعود أو أموت معك، فقال الحسين (عليه السلام): «جزيتم من أهل بيتي، ارجعي إلى النساء رحمك الله». فانصرفت، وجعل يقاتل حتّى قُتِلَ رضوان الله عليه.

2 ـ إنّ حرّ بن يزيد الرياحي ارتكب أعظم جريمة بمنعه للحسين(عليه السلام)وأصحابه وأهل بيته عن الرجوع إلى المدينة، ولكنّ المشهد الاجتماعي الذي شاهده في كربلاء هزّه(2) إلى حدّ أخذته الرعدة، فقال له المهاجر بن أوس: إنّ أمرك لمريب، والله ما رأيت منك في موقف قطّ مثل هذا، ولو قيل لي: مَن أشجع أهل الكوفة؟ لما عدوتك، فما هذا الذي أرى منك؟

فقال له الحرّ: إنّي والله أُخيّر نفسي بين الجنّة والنار، فوالله لا أختار على الجنّة شيئاً ولو قُطِّعت وأُحرِقت. ثمّ ضرب فرسه فلحق الحسين(عليه السلام)، فقال له: جعلت


(1) راجع البحار 45/16 ـ 17.

(2) راجع البحار 45/10 ـ 11 و 14.