المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

140

حامد كيف يأمر بهذه الأشياء التي تخالف الشريعة، وكيف يحلّ القيام على الرأس طول الليل، فينعكس الدم إلى وجهه ويورثه ذلك مرضاً شديداً؟! وكيف يحل رمي المال في البحر وقد نهى رسول الله(صلى الله عليه وآله) عن إضاعة المال؟! وهل يحلّ سبّ مسلم بلا سبب؟! وهل يجوز للمسلم أن يستأجر على ذلك؟! وكيف يجوز ركوب البحر زمان اضطرابه، وذلك زمان قد سقط فيه الخطاب بأداء الحج(1) ؟!وكيف يحل السؤال لمن يقدر أن يكتسب؟! فما أرخص ما باع أبو حامد الغزالي الفقه بالتصوّف».

وقال أيضاً في ص 379 (أي من كتاب تلبيس إبليس) «وحكى أبو حامد الغزالي عن ابن الكريني: أنّه قال: نزلت في محلّة فعرفت فيه بالصلاح، فدخلت في الحمّام، وعيّنت على ثياب فاخرة، فسرقتها ولبستها، ثُمّ لبست مرقعتي فوقها، فخرجتُ فجعلتُ أمشي قليلاً قليلاً، فلحقوني فنزعوا مرقعتي، وأخذوا الثياب، وصفّعوني، فصرت بعد ذلك اُعرف بلصّ الحمام، فسكنت نفسي. قال أبو حامد: فهكذا كانوا يروّضون أنفسهم حتّى يخلّصهم الله من النظر إلى الخلق، ثُمّ من النظر إلى النفس وأرباب الأحوال، ربما عالجوا أنفسهم بما لا يفتي به الفقيه(2) مهما رأوا صلاح قلوبهم، ثُمّ يتداركون ما فرط منهم من صورة التقصير كما فعل هذا في الحمام.

قلت ( يعني ابن الجوزي ): سبحان من أخرج أبا حامد من دائرة الفقه بتصنيفه كتاب الإحياء، فليته لم يحك فيه مثل هذا الذي لا يحل، والعجب أنّه يحكيه


(1) هذا راجع إلى الأزمنة السالفة التي كان ينحصر فيها طريق الحج من بلد يفصله البحر عن الحج في ركوب السفينة.

(2) يناسب المقام هذا البيت: من ديوان حافظ، حرف اللام:

حلاّج بر سردار اين نكته خوش سرايد
از شافعى نپرسند امثال اين مسائل