المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

141

ويستحسنه، ويسمّي أصحابه أرباب الأحوال، وأيّ حالة أقبح وأشدّ من حال من يخالف الشرع، ويرى المصلحة في المنهيّ عنه وكيف يجوز أن يطلب صلاح القلوب بفعل المعاصي، أوَقد عدم في الشريعة ما يصلح قلبه حتّى يستعمل ما لا يحلّ فيها ؟ ! وكيف يحلّ للمسلم أن يعرّض نفسه لأن يقال عنه: سارق؟! وهل يجوز أن يقصد وهن دينه ومحو ذلك عند شهداء الله في الأرض؟! ثُمّ كيف يجوز التصرف في مال الغير بغير إذنه؟! ثُمّ في نصّ مذهب أحمد والشافعي: أن من سرق في الحمّام ثياباً عليها حافظ وجب قطع يده، فعجبي من هذا الفقيه المستلب عنه الفقه بالتصوّف أكثر من تعجّبي من هذا المستلب الثياب» انتهى.

2 ـ دعوى ما يكذّبه الوجدان، وهو الضمير الذي أنعم الله ـ تعالى ـ به على الإنسان والذي لا يخطأ، والمفروض بالعرفان الصادق أن يذكي الضمير ويجلّيه، وينفض عنه الغبار، لا أن يعكّر صفاءه، ويسمّم أجواءه، وإن شئت فأدخل هذا البند فيما سيأتي إن شاء الله من قسم الخرافات، كقول من يقول: يصل السالك إلى مقام لا يعرف إلاّ ربّه، بل الربّ هو الذي يعرف نفسه(1).

وهذا الكلام له أحد منشأين: فإمّا أنّ صاحبه يعتقد بوحدة الوجود، بمعنى: إنكار أي وجود آخر غير وجود الله حتّى الوجود التعلقي.

وقد أجابوا في الفلسفة عن ذلك بما مضى حديث مختصر عنه في الحلقة الأُولى من هذا الكتاب من توضيح: أنّ وجود المخلوقين وجود تعلقي، وبالإضافة الإشراقيّة لا المقوليّة التي تتطلب استقلال أحد الوجودين عن الآخر مع وجود رابط بينهما بل هو عين الربط، وهذا بالدقّة غير دعوى نفي الوجود نهائيّاً عن المخلوق.

وعلى أيّ حال، فنحن هنا نكتفي بدلالة الوجدان والضمير على وجود ضالٍّ


(1) راجع لبّ اللباب: 162.