المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

143

الموت؛ وذلك لأنّه في هذا العالم نرى أنّه لو دخل السالك إلى عالم اللاهوت، وفنى في جميع الأسماء بما فيها اسم (أحد)، وحصل له البقاء بعد الفناء، وهو البقاء بالمعبود، فعندئذ وإن كان قد حصل له التجرد بقدر الاستعداد الإمكاني، ولكنّه لم يحصل له التجرد الكامل ومن جميع الجهات حتّى عن الاستعداد الإمكاني؛ وذلك لأنّه ـ برغم أنّ علمه عندئذ علم إلهي، ويكون مع كلِّ موجود، ويكون مطلعاً على الماضي والمستقبل ـ تكون له علاقة إجماليّة بتدبير البدن، وهذا يمنعه عن حصول التجرّد التامّ فيما فوق الإمكان. نعم، بعد الموت تنقطع علاقته بالمرّة عن البدن، فيحصل له التجرّد التامّ اللاهوتي.

ثمّ ينقل صاحب هذا الكلام عمّن يسمّيه بالشيخ وليّ الله الدهلوي: أنّه قال في كتاب الهمعات: أَفْهَموني أنّ قطع علاقة الروح عن البدن يتمّ بعد خمس مئة سنة من الموت.

أقول: إنّ إمكان الإنسان وحدوثه ذاتيّان للإنسان، فلا معنى لانفصالهما عن الإنسان حتّى بعد الموت، فحتّى التجرّد بعد الموت لا يعني الفناء الحقيقي في الله.

وخلاصة الكلام: أنّ الانمحاء والاضمحلال بمعنى انشغال الذهن بالله وحده، أو عدم رؤية شيء غير الله بعين البصيرة شيء قد يحصل بالرياضة، أمّا الاندكاك الواقعي لواقع الروح أو لواقع الجسم والروح من باب أنّ العالم بأجمعه تجلٍّ من تجلّيات الربّ فهذا أمر سابق على كلّ الرياضات، وليس أمراً يحصل بالرياضة. وأمّا الاندكاك بمعنى ارتفاع الحدود الإمكانيّة والماهويّة والنقائص التابعة لذلك جسماً أو روحاً، أو جسماً وروحاً فهذا من المستحيلات؛ لأنّها أُمور ذاتيّة للممكن الذي لابدّ من افتراض وجود تعلّقي له، فلا معنى لانفكاكها عن السالك ووصول السالك إلى الربّ.

3 ـ الاحتيال والمخادعة بما قد ينطلي على بعض السذّج. وعلى سبيل المثال أُشير