المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

144

إلى قصّتين مرويّتين في كتاب روح مجرّد عن الحدّاد:

الاُولى(1): كان الحدّاد يسافر مع خمسة آخرين من كربلاء إلى الكاظميّة، فطالبهم السائق أو صانعه بأُجرته، وقال: كم نفر أنتم؟ فقال الحدّاد: خمسة، وقال السائق: بل أنتم ستّة، فحسب الحدّاد الركّاب وقال مرّة أُخرى: نحن خمسة، وكرّر الصانع مرّة أُخرى: أنتم ستّة، قال الحدّاد: (خوي ما تشوف؟! هاي(2) واحد أُوهاي اثنين أُوهاي ثلاثة أُوهاي أربعة أُوهاي خمسة بعد شتگول أنت).

فقال له: (يا سيّد أنت ما تحاسب(3) نفسك). وقد قال الركّاب: من الغريب أنّ الحدّاد كان قد فقد نفسه إلى حدّ لم يلتفت إلى نفسه حتّى بعد قول صانع السائق: (أنت ما تحاسب نفسك)، فقد كان الحدّاد غارقاً في عالم التوحيد، ومنصرفاً عن الكثرة إلى مستوى لم يكن يمكنه برغم كلّ هذا الالتفات إلى بدنه وحسابه في زمرة الركّاب.

يقول مؤلّف الكتاب ( أي كتاب روح مجرّد ): إنّ حضرة السيّد الحدّاد ذكر لي بنفسه أنّه في تلك الحالة كان عاجزاً تماماً عن عدّ نفسه. وأخيراً قال له الركّاب: (أنت احسب نفسك) وإنّ الحقّ مع الصانع، فأعطيتُه أُجرة ستّة أنفار لا للعلم بصحّة كلامه، بل تعبّداً برأي الرفقاء.

أقول: لا أدري: أنّ عدم عدّ نفسه على رغم أنّه كان يعدّ الآخرين ويحسبهم هل كان نتيجة أنّ البدن كان مضمحلاً وفانياً ومنعدماً حقيقة؟ فهذا خلاف ما يمكن أن يفترض الوصول إليه بالرياضة، فإنّ ما يمكن أن يفترض الوصول إليه بالرياضة


(1) روح مجرّد: 75.

(2) يبدو أنّ كلمة (هاي) استعملت هنا بدلاً عن كلمة (هذا) من باب جهل مؤلّف الكتاب باللغة العربيّة الدارجة.

(3) وهذا خطأ آخر من المصنّف نتيجة الجهل باللغة، فهو يقصد: ما تحسب.