المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

147

متّصفاً بالصفات الخَلْقيّة في عين اتِّصافه بصفات الوحدة الربوبيّة، كما أنّ الحسين(عليه السلام) كان كذلك، فمن ناحية كان من خصائصه هو وبعض مَن معه أنّه تشرق ألوانهم بتلك المصائب، وتهدأ جوارحهم، وتسكن نفوسهم. فقال بعضهم لبعض: انظروا لا يبالي بالموت، ومن ناحية أُخرى كان يقول لبنته سكينة: لا تحرقي قلبي بدمعك حسرة ما دام منّي الروح في جثماني.

أقول: ليكن السالك الذي يسافر إلى الله ثمّ يفنى في الله تنكشف لديه الحقائق التي لم تكن تنكشف بالعقل، ولكن هذا لا يعني أن يفقد الانكشافات الحاصلة بالعقل قبل السلوك إلى أن يرجع مرّة أُخرى إلى عالم الكثرة، والعقل يعرف قبل السلوك أن قضيّة عاشوراء عملة ذات وجهين: فمن أحد الوجهين بطولة وعزّ ومقام وفخر واعتزاز، ومن الوجه الآخر مصيبة ورزيّة وفجيعة عظمى، وليس من لوازم السلوك الحقيقي والعرفان الإلهي فقدان منكشفات العقل بالأخص المنكشفات الدينيّة والايمانيّة والعرفانية كأوجه عُملة عاشوراء الحسين (عليه السلام).

ولعلّ قائلاً يقول: إنّ الحدّاد كان غارقاً في عالم الفناء غافلاً عن عالم الكثرة، وعُملة عاشوراء إنّما تكون مصيبة ورزيّة بوجهها الخَلقِي وبلحاظ الكثرة؛ ولذا لم يكن يدرك هذا الجانب من العُملة، ولكنّني لا أدري أنّه لو كان الأمر كذلك كيف أدرك أساساً كون قِصّة عاشوراء تعتبر مصيبة عند الناس، ويبكون لأجلها بكاء الحزن؟! ولِمَ لم يغفل عن ذلك؟! فمثلاً مَنْ يغرق في الله، ويخشع له لدى الصلاة، ويفنى فيه لا يلتفت إلى الناس وإلى غير الله، لا أنّه يلتفت إليهم ويتعجب من انشغالهم بغير الله.

ج ـ روى صاحب كتاب (نشان از بى نشانها) المسمّى بعلي المقدادي الإصفهاني قِصّة بشأن أبيه الحاج الشيخ حسن عليّ الإصفهاني والذي يعتبره من العرفاء الكبار، والقِصَّة يرويها عن السيّد أبي الحسن المرتضوي: إنّه كان يقول: