المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

151

أقول: إنّ نسبة كلّ هذه الخرافات إلى هذا السيّد الجليل العظيم القدر، أمرٌ لا يحتمل صحّته، فإنّ السيّد مهدي بحر العلوم (رضوان الله عليه) من العلماء الأعلام العظام صاحب الزهد والتقوى والعرفان الصحيح، وقد ورد عنه كثير من الأُمور الدالّة على جلالة قدره، وأذكر منها هنا قصّتين:

الأُولى: ما رُوِيَ عن تلميذه المولى زين العابدين السلماسي(رحمه الله): أنّه قال: إنّ السيّد مهدي بحر العلوم كان يمشي في الليالي في أزقّة النجف، وكان يعطي لبيوت الفقراء الخبز ونحوه، ثُمّ ترك التدريس فترة من الأيّام، فشفّعني الطلبة لديه؛ كي يعود إلى التدريس، فأبلغته ذلك، فامتنع عن العودة إلى التدريس، ثُمَّ طلب منّي الطلبة مرّة أُخرى أن أسأله عن سبب ترك الدرس، فسألته عن ذلك؟ فقال: أنا لا أسمع من بيوت الطلبة حينما أمشي في أزقّة النجف في جوف الليل صوت المناجاة والتضرّع، وأنا لا أرى هكذا طلبة مستحقّين لإلقاء الدروس عليهم، فلمّا سمع الطلبة بذلك انشغلوا في جوف الليالي بالبكاء والمناجاة، فعاد السيّد إلى التدريس(1).

والثانية: ما رُوِيَ ـ أيضاً ـ عن السيّد بحر العلوم(رحمه الله)، قال ذات ليلة: إنّي لا أشتهي العشاء، ثُمَّ أمر بصبّ غذاء كثير في ظرف من الظروف، وأخذه وذهب به إلى أزقّة النجف حتّى انتهى إلى باب دار كان صاحبها حديث عهد بالعرس، وكان هو وزوجته في تلك الليلة لا يمتلكان طعاماً، وكانا يعيشان الجوع، فدقّ السيّد(رحمه الله)الباب، فخرج الزوج لفتح الباب، وقال السيّد (رحمه الله): الآن قد جعت أنا أيضاً، فقسموا الطعام إلى ثلاثة أقسام، واُعطيت قسمة للعروس، وأكل الباقي السيّد بحر العلوم مع الزوج(2).


(1) قصص العلماء: 173.

(2) المصدر السابق: 171.