المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

154

نشرت هذه الحقيقة وإن جاوزت المئة أخيراً، ولكن أُصول طوائف التصوّف لا تزيد على خمس وعشرين سلسلة، وهذه السلاسل تنتهي جميعاً بعلي بن أبي طالب(عليه السلام)، وفرقتان أو ثلاث فرق منهم شيعة وباقي الفرق جميعاً سنّة، وبعضهم تنتهي سلسلته إلى معروف الكرخي، ومنه إلى الإِمام الرضا(عليه السلام)، ولكن طريقتنا وهي نفس طريقة المرحوم الآخوند لا تنتهي إلى شيء من هذه السلاسل.

وإجمال المطلب: أنّه قبل حوالي أكثر من مئة سنة كان في تُستر عالِم جليل القدر، وكان مصدراً للقضاء ومراجعات عامّة الناس، وكان يسمّى بالسيد عليّ التُستري، وكان كسائر العلماء متصدّياً للأُمور العامة والتدريس والقضاء والمرجعية، وإذا بيوم من الأيّام دقّ أحد باب بيته، فقال له: من أنت؟ فيقول: افتح الباب، فإنّ شخصاً مّا يطلبك في شغل له معك، فحينما فتح السيّد عليّ الباب رأى رجلاً حائكاً على الباب، وقال له: ماذا تريد؟ فقال له: ما أصدرته من الحكم وفق شهادة الشهود بأنّ فلاناً مالِكٌ للشيء الفلاني غير صحيح، وإنّما ذاك ملك طفل صغير يتيم، وسنده مدفون في المحلّ الفلاني، وهذا الطريق الذي أنت تسلكه غير صحيح، وطريقك سبيلٌ آخر غير هذا.

فقال آية الله التُستري: أفأخطأت أنا؟ فقال له الحائك: الحقيقة ما بيّنته لك. ثمّ ينصرف الحائك ويبقى آية الله التُستري حائراً في فكره من هو هذا الرجل؟! وماذا قال؟! ثُمّ يحقّق عن مسألة سند الملك، فيحصل عليه مدفوناً في نفس المكان الذي أشار إليه ذاك الرجل، فيغور في الخوف والخشية، ويقول: أخشى أن يكون كثير ممّا أصدرته من الأحكام من هذا القبيل(1). وفي الليلة الآتية يأتيه في نفس


(1) كأنّ ناقل القِصّة يتعقّل فرضيّة أنّ عالماً جليلاً من علماء الشيعة حينما يظهر له الخطأ الواقعي في قضاء له كان تامّاً على وفق مقاييس البيّنات والأيمان لا يفهم أنّ هذا كان هو شأن رسول الله (صلى الله عليه وآله) حينما قال في الخبر الصحيح السند: «إنّما أقضي بينكم بالبيّنات والأيمان، وبعضكم ألحن بحجته من بعض، فأيّما رجل قطعت له من مال أخيه شيئاً فإنّما قطعت له به قطعة من النار».. الوسائل 27 / 232، الباب 2 من كيفيّة الحكم، الحديث 1.

أفهل يفترض أنّ العالم الجليل الشيعي يغور في الخوف خشية أن يكون كثير من أحكامه ـ برغم موافقته للمقاييس التي يجب اتِّباعها ـ على خلاف الواقع، وهو يعلم أنّ هذا ما حذّر به رسول الله (صلى الله عليه وآله)المترافع الذي يعلم بنفسه أنّه ليس على الحقِّ، ولكنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله)يحكم لصالحه على وفق المقاييس الظاهريّة، أم كان هذا العالم الجليل يريد القضاء على وفق الواقع بينما لم يكن ذلك لرسول الله رسول الإسلام(صلى الله عليه وآله).