المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

157

أو مَلَك أو جنّ، ولا أعرف مدى صدق القِصّة، وإنّما أُريد مناقشة أصل الكلام الوارد في هذا الكتاب.

فأقول: لا شكّ أنّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام) هو سيّد العارفين وكهفهم وملاذهم وإمامهم وإمام المؤمنين، وأقصد بذلك العرفان بالمعنى الوارد في قوله (عليه السلام)في دعاء كميل: «يا غاية آمال العارفين» لا بالمعنى الذي ناقشناه حتّى الآن، وأتساءل أنّ عليّ بن أبي طالب(عليه السلام)لو كان على رأس نحو من خمس وعشرين سلسلة للصوفيّة على ما ورد في لبّ اللباب فلماذا انتخب(عليه السلام) أكثرهم من السُنّة حسب ما مضى من قوله في لبّ اللباب: (أن فرقتين أو ثلاثاً منهم شيعة والباقي سنّة) وهلاّ علّم(عليه السلام) هذا الطريق ميثم التمار وصعصعة بن صوحان العبدي ورشيد الهجري(1) وكميل بن زياد وأصبغ بن نباتة والحجر بن عديّ الكندي(2) وأمثالهم من أعاظم أصحابه رحمهم الله.

إنّ الحقيقة ليست هكذا، بل الحقيقة: أنّ التصوّف دكّان فتحه أعداء عليّ وأعداء الأئمّة(عليهم السلام) في مقابل أئمّتنا المعصومين؛ ذلك أنّ الشيطان لا يستطيع أن يُغري ـ ابتداءً ـ كلَّ أحد عن طريق الخمور أو النساء أو الملاهي أو ما إلى ذلك، فلربّ إنسان لا يأنس إلاّ بالمسجد، فطريق حرفه عن الحقِّ هو بناء مسجد ضرار، ولربّ إنسان لا يستذوق إلاّ العرفان، فطريق حرفه عن جادّة الحقِّ هو اختلاق العرفان الكاذب. ومن نقاط القوّة في أئمّتنا(عليهم السلام) الجاذبة للنفوس الطيّبة كان هو العرفان الإلهيّ الشامخ المضيء الذي يشعّ شيء يسير منه فيما وصلنا من اليسير من


(1) روى الكشي: أنّه كان أُلقي إليه علم المنايا والبلايا. راجع معجم رجال الحديث 7/192.

(2) روى الشيخ الطوسي(رحمه الله): أنّه كان من الأبدال، راجع معجم رجال الحديث للسيّد الخوئي(رحمه الله): 4 / 237.