المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

158

أدعيتهم وكلماتهم المضيئة والتي أشرنا إلى نزر منها في النقطة الرابعة، فكان لا بدّ للشيطان أن يفتح دكّاناً في مقابل الأئمّة(عليهم السلام) باسم التصوّف، وكان خير مناخ لتأسيس هذا الدكّان هو مناخ غير الشيعة؛ لأنّ الشيعة غالباً كانوا مكتفين بالأضواء الحقيقيّة التي تشع من أئمّتهم(عليهم السلام)، ولهذا لا ترى أثراً من هذا الدكّان لدى الشيعة في أوائل الأمر، وإنّما انحدر هذا الطريق إليهم واستهوى بعضهم بعد ما تمّ تأسيسه وتشييد بناءه لدى غيرهم.

وبودّي أن اُشير إلى أنّ ما فرضه صاحب كتاب لبّ اللباب من انتهاء بعض سلسلة الصوفيّة إلى معروف الكرخي صاحب الإِمام الرضا(عليه السلام) لم نرَ عليه شاهداً في ترجمته إلاّ ادّعاء الصوفيّة أنفسهم لذلك من دون ذكر سند ودليل.

فقد ادّعوا أنّ بعض سلاسلهم تنتهي إلى معروف الكرخي، ومنه إلى الإِمام الرضا (عليه السلام)، ومنه إلى آبائه(عليهم السلام) إلى عليّ(عليه السلام)، ويسمّون هذه السلسلة بالسلسلة الذهبيّة، ونحن لا نعلم هل حقّاً كان معروف الكرخي من الصوفيّة أو لا ؟

نعم، رُوِيَ عنه: أنّه قال للإِمام الصادق(عليه السلام): «أوصني يابن رسول الله، فقال: أقلل معارفك، قال: زدني قال: انكر من عرفت منهم»(1).

وهذا الحديث يناسب ذوق المتصوّفة، إلاّ أنّ ذلك لا ينسجم مع ما ورد في ترجمته: من أنّه أسلم في صباه على يد الإِمام عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام).

فقد روى السيّد الخوئي رضوان الله تعالى عليه(2) عن ابن شهرآشوب في المناقب الجزء الرابع باب إمامة أبي الحسن عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام) أنّه قال: ذكر ابن الشهرزوري في مناقب الأبرار: أنّ معروف الكرخي كان من موالي عليّ ابن موسى الرضا(عليه السلام)، وكان أبواه نصرانيين، فسلّما معروفاً إلى المعلّم وهو صبيّ، وكان


(1) مجمع البحرين في ذيل مادة (عرف).

(2) في معجم الرجال 18/231. راجع ـ أيضاً ـ تنقيح المقال 3/228.