المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

159

المعلم يقول له: قل ثالث ثلاثة، وهو يقول: بل هو الواحد، فضربه المعلم ضرباً مبرحاً، فهرب ومضى إلى الرضا(عليه السلام)، وأسلم على يده، ثُمّ إنّه أتى داره فدقّ الباب، فقال أبوه: مَنْ بالباب؟ فقال: معروف، فقال: على أيّ دين؟ قال: على ديني الحنيفي، فأسلم أبوه(1) ببركات الرضا(عليه السلام). قال معروف: فعشت زماناً. ثمّ تركت كلما كنت فيه إلاّ خدمة مولاي عليّ بن موسى الرضا(عليه السلام). وعن ابن خلكان وغيره نظير ذلك.

وعلى أيّة حال، فتصوّف معروف الكرخي غير ثابت لدينا، كما أنّ كونه من خدّام الإِمام الرضا(عليه السلام) ليس قطعيّاً عندنا، فإنّ خلوّ كتبنا الرجاليّة طرّاً عن ذكره وعلى الخصوص خلوّ كتاب عيون أخبار الرضا(عليه السلام) عن نقل رواية عنه(عليه السلام)بواسطته ممّا يريب الفطن في اختصاصه بالرضا(عليه السلام).

وقبره في عصرنا الحاضر في بغداد لا يزوره عادة إلاّ السُنّة، وهم يمجّدون به. وتفترض الصوفيّة أنّه كان من أكابرهم، ويقول الشيخ المامقاني(رحمه الله): لم يُنقَل عنه ما يقضي بالتصوّف، وإنّما نسب المتصوّفون إليه التصوّف رواجاً لطريقتهم الفاسدة، وهذه عادة أهل المذاهب الفاسدة ينسبون إلى مؤمن تقيّ مذهبهم كذباً وبهتاناً؛ لترويج مذهبهم الفاسد، أليس ينسبون التصوّف إلى أمير المؤمنين(عليه السلام)البريء منهم ومن مسلكهم؟!(2).

ثُمّ إنّنا لا نستبعد أن يكون انتماء كثير من السُنّة إلى سلك التصوّف نتيجةً لتعطّشهم إلى الجانب الروحي، وعدم إمتلاكهم المعين الصافي للقضايا الروحيّة الذي كانت الشيعة تمتلكه، وهو: معين أئمّتهم سلام الله عليهم؛ ولذا ربّما لا ترى


(1) هكذا ورد فيما عندي من نسخة معجم رجال الحديث، ولكن ورد في تنقيح المقال: أسلم أبواه.

(2) تنقيح المقال 3/229.