المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

164

ويعجبني أن أذكر هنا عن عبد القادر الجيلاني قِصَّتين مع شيء ممّا علّق عليهما الشيخ العلاّمة الأميني(رحمه الله)(1):

الاُولى: ما ورد في مرآة الجنان(2) كالتالي:

روى الشيخ الإمام الفقيه العالم المقري أبو الحسن عليّ بن يوسف بن جرير بن معاضد الشافعي اللخمي في مناقب الشيخ عبدالقادر بسنده من خمس طرق، وعن جماعة من الشيوخ الجلّة أعلام الهدى العارفين المقتنين للاقتداء، قالوا: جاءت امرأة بولدها إلى الشيخ عبدالقادر، فقالت له: يا سيّدي إنّي رأيت قلب ابني هذا شديد التعلّق بك، وقد خرجتُ عن حقّي فيه لله عزّ وجلّ ولك، فقبله الشيخ، وأمره بالمجاهدة وسلوك الطريق. فدخلت أُمّه عليه يوماً فوجدته نحيلاً مصفرّاً من آثار الجوع والسهر، ووجدته يأكل قُرْصاً من الشعير، فدخلت إلى الشيخ فوجدت بين يديه إناءً فيه عِظام دجاجة مسلوقة قد أكلها، فقالت: يا سيّدي، تأكل لحم الدجاج، ويأكل ابني خبز الشعير؟! فوضع يده على تلك العِظام، وقال: قومي بإذن الله تعالى الذي يحيي العِظام وهي رميم، فقامت الدجاجة سويّة وصاحت، فقال الشيخ: إذا صار ابنك هكذا فليأكل ما شاء.

قال الشيخ العلامة الأميني(رحمه الله) فيما قال تعليقاً على هذه القِصّة: هل لأكل خبز الشعير وما جَشِبَ من الطعام بمحضه أن يوصل السالك إلى مرتبة يحيي الموتى، وإن كان المولى ـ سبحانه ـ يعلم أنّه متى بلغ هذه المرتبة ألهاه أكل الدجاجة المسلوقة أكلاً لمّا؟! وهل الرياضة شرط في حدوث القوّة في النفس والملكات الفاضلة، وليست شرطاً في بقائها...؟!


(1) راجع الغدير 11/170 ـ 172.

(2) مرآة الجنان 3 / 356 بحسب تخريجة الغدير 11/170.