المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

206

وجهل، وثبّتّ كلَّ علم وعمل؟ قال: لا، قال: فعندما مررت بالمشعر الحرام نويت أنّك أشعرت قلبك إشعار أهل التقوى والخوف لله عزّ وجلّ؟ قال: لا، قال: فما مررت بالعلمين، ولا صلّيت ركعتين، ولا مشيت بالمزدلفة، ولا رفعت منها الحصى ولا مررت بالمشعر الحرام.

ثُمّ قال له: وصلت مِنى، ورميت الجمرة، وحلقت رأسك، وذبحت هديك، وصلّيت في مسجد الخيف، ورجعت إلى مكّة، وطفت طواف الإفاضة؟ قال: نعم، قال: فنويت عندما وصلت مِنى ورميت الجمار أنّك بلغت إلى مطلبك، وقد قضى ربّك لك كلَّ حاجتك؟ قال: لا، قال: فعندما رميت الجمار نويت أنّك رميت عدوّك إبليس وغضبته بتمام حجّك النفيس؟ قال: لا، قال: فعندما حلقت رأسك نويت أنّك تطهّرت من الأدناس ومن تبعة بني آدم، وخرجت من الذنوب كما ولدتك أُ مّك؟ قال: لا، قال: فعندما صلّيت في مسجد الخيف نويت أنّك لا تخاف إلاّ الله عزّوجلّ وذنبك، ولا ترجو إلاّ رحمة الله تعالى؟ قال: لا، قال: فعندما ذبحت هديك نويت أنّك ذبحت حنجرة الطمع بما تمسّكت به من حقيقة الورع، وأنّك اتَّبعت سنّة إبراهيم(عليه السلام) بذبح ولده وثمرة فؤاده وريحان قلبه وحاجه(1) سنّته لمن بعده، وقرّبه إلى الله تعالى لمن خلفه؟ قال: لا، قال: فعندما رجعت إلى مكّة، وطفت طواف الإفاضة نويت أنّكَ أفضت من رحمة الله تعالى، ورجعت إلى طاعته، وتمسّكْت بوُدِّه، وأدّيت فرائضه، وتقرّبت إلى الله تعالى؟ قال: لا، قال له زين العابدين(عليه السلام): فما وصلت مِنى، ولا رميت الجمار، ولا حلقت رأسك، ولا أدّيت نسكك، ولا صلّيت في مسجد الخيف، ولا طفت طواف الإفاضة، ولا تقرّبت، ارجع فإنّك لم تحجّ. فطفق الشبليّ يبكي على ما فرّطه في حجّه. ومازال يتعلّم حتّى حجّ من قابل


(1) لعلّ الصحيح: وحاجة سنّته لمن بعده، أي: إنّ سنّته كانت بحاجة لمن بعده إلى خَلَف له كإسماعيل، ولكنّه مع ذلك قرّبه قرباناً لامتثال أمر الله، أو الصحيح: وأحيى سنّته.