المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

211

 

 

 

 

الفصل الأوّل

التوبة والإنابة

 

متى نبدأ؟ ومن أين نبدأ؟

هذان سؤالان نواجههما بادئ ذي بدء، ونحاول الإجابة عنهما:

متى نبدأ؟

هل نبدأ بتزكية النفس من بعد انتهاء الشباب، بدليل أنّ فترة الشباب هي فترة طغيان النفس وفوران الشهوات، وبعد هذه الفترة نكون أقدر على تهذيب النفس وتزكيتها؟

چون پير شدى حافظ از ميكده بيرون آى
رندىّ و هوسناكى در عهد شباب اولى

والواقع على العكس من ذلك تماماً، فلو ضَمِنَ لنا أحد الوصول إلى فترة ما بعد الشباب وعدم مباغتة الموت، قبلَ ذلك:

فأوّلاً: يكون التمادي في المعاصي والشهوات في حالة الشباب مانعاً عن التزكية لدى الشيب؛ لأنّ ذلك يوجب ظلمة القلب وانكسار قوّة الضمير والوجدان، ولهذا ستكون التوبة لدى الشيب أصعب بكثير من ترك الذنوب لدى الشباب.

وثانياً: إنّ الضعف الذي يستولي على الإنسان لدى الشيب يوجب صعوبة الصبر على مشقّة التزكية ومخالفة النفس.

وثالثاً: إنّ أكثر الشهوات تزداد لهيباً واشتعالاً لدى الشيب، فلو كانت شهوة الجنس تَخِفّ أو تخمد لدى الشيب ـ وهي أمر فطريّ يمكن إشباعه لدى الشباب