المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

216

عن شرح أنحاء التوبة المختلفة في السِّنخ في كتابه (الأربعون حديثاً)(1) بقوله: « اعلم أنّ للتوبة حقائق ولطائف وأسراراً، ولكلّ واحد من أهل السلوك إلى الله توبة خاصّة تتناسب مع مقامه، وحيث أن لا حظّ ولا نصيب لنا في تلك المقامات فلا يناسب شرحها والإسهاب في هذا الكتاب».

أقول: وممّا يؤيّد ما أفاده (رضوان الله عليه) من تعدّد أنحاء التوبة بتعدّد المقامات التي وصل إليها العبد ما ورد في مصباح الشريعة عن الصادق(عليه السلام): «التوبة حبل الله ومدد عنايته، ولابدّ للعبد من مداومة التوبة على كلّ حال. وكلّ فرقة من العباد لهم توبة، فتوبة الأنبياء من اضطراب السرّ، وتوبة الأصفياء من التنفّس، وتوبة الأولياء من تلوين الخطرات، وتوبة الخاصّ من الاشتغال بغير الله، وتوبة العامّ من الذنوب. ولكلّ واحد منهم معرفة وعلم في أصل توبته ومنتهى أمره...»(2).

والآن حان لنا وقت الدخول في بحث التوبة.

قال الله تعالى: ﴿إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَة ثُمَّ يَتُوبُونَ مِن قَرِيب فَأُوْلَـئِكَ يَتُوبُ اللّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللّهُ عَلِيماً حَكِيماً * وَلَيْسَتِ التَّوْبَةُ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى إِذَا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ إِنِّي تُبْتُ الآنَ وَلاَ الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُوْلَـئِكَ أَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾(3).

وقال عزّ من قائل: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَن يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إلاَّ اللّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ


(1) في ذيل الحديث السابع عشر: ص 283 بحسب أصل الكتاب الفارسي وص 267، بحسب الترجمة العربيّة التي قام بها السيّد محمّد الغروي حفظه الله.

(2) البحار 6 / 31.

(3) السورة 4، النساء، الآيتان: 17 ـ 18.