المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

219

اللّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ ...﴾ فالنكتة في اختياري لذكرها هنا هي: الحديث الوارد في ذيل تفسير هذه الآية عن الصادق(عليه السلام)(1) قال: «لمّا نزلت هذه الآية: ﴿وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً ...﴾ صعد إبليس جبلاً بمكّة يقال له: ثور، فصرخ بأعلى صوته بعفاريته، فاجتمعوا إليه، فقالوا: يا سيّدنا لِمَ دعوتنا؟ قال: نزلت هذه الآية فمن لها؟ فقام عفريت من الشياطين فقال: أنا لها بكذا وكذا، فقال: لست لها. فقام آخر فقال مثل ذلك، فقال: لست لها. فقال الوسواس الخنّاس: أنا لها، فقال: بماذا؟ قال: أعدهم وأُمنّيهم حتّى يواقعوا الخطيئة، فإذا واقعوا الخطيئة أُنسيهم الاستغفار، فقال: أنت لها. فوكّله بها إلى يوم القيامة».

وأمّا الآية الثالثة وهي قوله تعالى: ﴿إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلاً صَالِحاً ...﴾فكانت النكتة في اختياري لها لبدء الحديث بالتوبة ما في هذه الآية ممّا يقف العقل أمامه إعظاماً وإكباراً لرحمة الربّ؛ إذ لم يذكر فيها مجرّد عفو الله ـ تعالى ـ عن ذنوب التائبين، بل ذكر تبديل سيّئاتهم حسنات، فأيّ رحمة هذه التي لا تقتصر على ترك العقاب، بل تبدّل السيّئة حسنة، وتبدّل العقاب ثواباً؟! ولعلّ تفسير الآية يكون أنسب بالقول بتجسّم الأعمال، فبدلاً عن أن يُروا أعمالهم السيّئة سيّئات يُرونها حسنات. وقد ورد في الحديث عن الباقر(عليه السلام)قوله: «ويستر عليه من ذنوبه ما يكره أن يوقفه عليها. قال: ويقول لسيّئاته: كوني حسنات. قال: وذلك قول الله تبارك وتعالى: ﴿ ... أُوْلَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَات وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً﴾ »(2).

وقد يقول القائل: إذن فلنرتكب السيّئات حتّى نتوب بعد ذلك، وبهذا تزداد حسناتنا.


(1) راجع تفسير البرهان 1/316.

(2) البحار 7/260.