المولفات

المؤلفات > تزكية النفس

249

قال: «كنت عند أبي عبدالله(عليه السلام) فقال له رجل: بأبي أنت وأُمي أدخل كنيفاً ولي جيران، وعندهم جوار يتغنّين ويضربن بالعود، فربّما أطلت الجلوس استماعاً منّي لهنّ فقال(عليه السلام): لا تفعل فقال الرجل: والله ما آتيهنّ، إنّما هو سماع أسمعه بأُذني؟ فقال(عليه السلام): لله أنت أما سمعت الله يقول: ﴿... إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً﴾(1) فقال: بلى والله لكأ نّي لم أسمع بهذه الآية من كتاب الله من عربيّ ولا من عجميّ، لا جرم إنّي لا أعود إن شاء الله، وإنّي أستغفر الله، فقال له: قم فاغتسل وصلّ ما بدالك، فإنّك كنت مقيماً على أمر عظيم، ما كان أسوأ حالك لو متّ على ذلك، احمد الله وسله التوبة من كلّ ما يكره، فإنّه لا يكره إلاّ كلّ قبيح، والقبيح دعه لأهله، فإنّ لكلّ أهلاً».

 

الأمر الرابع ـ التوبة النصوح:

قال الله سبحانه وتعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَّصُوحاً عَسَى رَبُّكُمْ أَن يُكَفِّرَ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَيُدْخِلَكُمْ جَنَّات تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الاَْنْهَارُ يَوْمَ لاَ يُخْزِي اللَّهُ النَّبِيَّ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ نُورُهُمْ يَسْعَى بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا أَتْمِمْ لَنَا نُورَنَا وَاغْفِرْ لَنَا إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْء قَدِيرٌ﴾(2).

«... الهي أنت الذي فتحت لعبادك باباً إلى عفوك سمّيته التوبة، فقلت: توبوا إلى الله توبة نصوحاً فما عُذرُ من أغفل دخول الباب بعد فتحه... »(3).

أمّا ما معنى التوبة النصوح؟ فقد فُسِّرت في الروايات بتفاسير ثلاثة:


(1) السورة 17، الإسراء، الآية: 36.

(2) السورة 66، التحريم، الآية: 8 .

(3) مفاتيح الجنان، مناجاة التائبين، وهي المناجاة الأُولى من المناجات الخمس عشرة المعروفة.